الغدر ونشأة الكيان المُغتَصِب
الغدر ونشأة الكيان المُغتَصِب
كان مما ابتدعته بريطانيا حين دخلت فلسطين، أن المجتمع هناك يتكون من أعراق متباينة وهو ما يصعب عليها عملية الموازنة في الحكم بين العرب واليهود، غير أن هذا لم يكن إلا غطاءً كاذبًا يمكنها من تمرير المشاريع الاستيطانية اليهودية التي تنسقها مع الوكالة اليهودية، وبعد كل التواطؤ والتسهيلات والقوانين التي سنَّتها بريطانيا لتسهل لليهود حيازة الأراضي والانتشار في فلسطين، لم يتجاوز مقدار ما استحوذ عليه اليهود بالشراء والمراباة والامتيازات وفقًا لأقرب الإحصائيات للواقع 7.5% من مساحة الأراضي الفلسطينية، وهذا ما جعل عملية تقسيم فلسطين في أواخر عهد الانتداب البريطاني عملية صعبة لم تستطع بريطانيا إتمامها، بسبب التفوق الكاسح للعرب في عدد السكان والمساحة الممتلكة، وهو ما اضطرها إلى إلقاء عبئها على الأمم المتحدة بحيث تجعل المشكلة، مشكلة دولية وليست خاصة بها أو باليهود وحدهم.
وهكذا شكَّلت الأمم المتحدة لجنة لتقوم بتشريع عملية الاغتصاب والتقسيم سميت بالانسكوب، وقامت هذه اللجنة معتمدة على بيانات السجلات البريطانية الرسمية لعام 1945 حول فلسطين بالتقسيم، لتعطىي لليهود مساحة في فلسطين تعادل 56.47% وهي الدولة اليهودية، ومساحة 42.88% للعرب وهي الدولة العربية، وأخيرًا منطقة دولية في القدس الدولية تبلغ 0.65% من إجمالي المساحة، وما بين قرار التقسيم في 1947 والانسحاب البريطاني المنتظر في 1948 كان المجتمع الفلسطيني يتعرض لحرب دامية من العصابات اليهودية وعمليات قتل ونهب جماعية وطرد للسكان نحو الدول العربية المجاورة لا سيما الأردن وسوريا ولبنان.
الفكرة من كتاب الجذور الاجتماعية للنكبة: فلسطين 1858-1948
يناقش هذا الكتاب واحدة من أهم القضايا المتعلقة بالمسألة الفلسطينية والتي روَّج لها على نحو متعمد ليخدم نظرة معينة إلى القضية الفلسطينية ويضلِّل أعين الشعوب عن الحقيقة، ألا وهي قضية الأرض وكيف سيطر اليهود على الأراضي الفلسطينية، ومدى صحة المقولة التي تم الترويج لها القائلة إن الفلسطينيين هم من باعوا أراضيهم لليهود!
ويعرض الدكتور أكرم حجازي التطورات التي لحقت بالأرض وسبل التعامل معها وطرق تفاعل المجتمع معها منذ العهد العثماني والتغيرات المهمة التي لحقتها بعد قانون الطابو، وكيف فتح الطريق أمام الرأسمالية الغربية واليهودية لتدخل فلسطين، وأخيرًا الدور الجوهري والرئيس للاحتلال البريطاني الذي مزَّق البناء الاجتماعي والاقتصادي وهيَّأ كل السبل الممكنة لتحقيق وعد بلفور ببناء وطن قومي لليهود في فلسطين.
مؤلف كتاب الجذور الاجتماعية للنكبة: فلسطين 1858-1948
د. أكرم حجازي: كاتبٌ وباحثُ، وأستاذٌ جامعي سابق، حاصل على إجازة في الصحافة وعلوم الاتصال، وحاصل على الدكتوراه من جامعة تونس الأولى في علم الاجتماع، وهو مؤسس ومدير موقع المراقب للدراسات والأبحاث الاجتماعية.
له مؤلفات أخرى هي: “دراسات في السلفية الجهادية”، و”مرابط النظام الدولي”.