الغابات العشوائية
الغابات العشوائية || Random forests
إن اليقين المطلق في القضاء أمرٌ لا يمكن تحقيقه، فالأحكام القضائية تختلف من قاضٍ إلى آخر تبعًا لتقديرهم الشخصي وحالتهم النفسية، ومع ذلك فإن إخضاعهم للدقة والصرامة في إصدار الأحكام يمكن أن يلغي مسألة الإنصاف فيخسر بعض المُدانين فرصة إعادة التأهيل ويتعرضون لعقوبات مُشدَّدة مقابل جرائم بسيطة أو غير مُتعمَّدة.
وعلى الرغم من افتقار الخوارزميات إلى التقدير البشري فإنها تستطيع مساعدة القضاة في حساب درجة خطورة المجرم والتكهُّن بسلوكياته عن طريق خوارزميات تُعرف باسم “الغابات العشوائية”، وتحتوي على بيانات وسلوكيات آلاف من المُدانين السابقين وسجلاتهم الجنائية وتستطيع التكهُّن بسلوكيات المجرم الجديد من خلال البحث داخل “الغابات العشوائية” عن نمط المجرمين السابقين الذين ينتمي إليهم، وتتبع سلوكياتهم قبل ارتكاب الجريمة وبعد خروجهم من السجن، حتى يستطيع القضاة تحديد ما إذا كان يستحق عقوبات مخفَّفة أم مشدَّدة، وطبقًا للإحصاءات فإن توقعاتها عن درجة خطورة المجرمين أدق من توقعات القضاة، وعلى خِلافهم تعطي دومًا نفس التقييم لظروف الجريمة نفسها مع مُراعاة اختلاف ظروف كل مُدان بما يحقق الإنصاف.
وتبقى المعضلة الحقيقية وهي تعرُّض بعض الأشخاص لتقييمات خطورة خاطئة بسبب إساءة تصنيفهم، فقد أكدت الأبحاث أن الخوارزميات تنصاع للانحيازات المتأصلة في المجتمع منذ قرون وتتأثر بالاختلافات العرقية والجنسية والطبقة الاجتماعية، فمثلًا احتمالية تصنيف شخص أسود البشرة مجرمًا شديدَ الخطورة أعلى مرتين من شخص أبيض البشرة، والحل أن يعمل القضاة جنبًا إلى جنب مع الخوارزميات لتفادي عيوب كل منهما.
الفكرة من كتاب أهلًا بالعالم: أن تكون إنسانًا في عصر الخوارزميات
أهلًا بالعالم || Hello World هو التعبير الأشهر بين المبرمجين ودارسي العلوم الحاسوبية، ابتكره “برَاين كِيرْنِيجان” في سبعينيات القرن العشرين وصار نقطة مهمة في تاريخ الكمبيوتر، وفي عصرنا الحالي الذي أصبحت فيه الخوارزميات تتحكم في مستقبلنا ومصايرنا تظل هذه الجملة تذكرة للإنسان باللحظة التي قرر فيها أن يضع نفسه تحت سلطة الخوارزميات، حتى صارت أساس مجتمعنا الإنساني وجزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وأصبحت قادرة على التوغل في عقولنا والتحكم في قراراتنا.
إن هذا الكتاب تنبيه للإنسان بضرورة العودة إلى الثقة بنفسه والنظر داخل أعماقه ليرسم مستقبله بنفسه، إنه يقيِّم العلاقة بين الخوارزميات والإنسان ويجيب عن تساؤلاتنا حول مَن يستحق الثقة.. نحن أم الآلة، كذلك يشرح كيف توغل التقدم التكنولوجي الهائل في جميع مجالات حياتنا وكيف تلاعب بعقولنا واخترق خصوصياتنا.
مؤلف كتاب أهلًا بالعالم: أن تكون إنسانًا في عصر الخوارزميات
هانا فراي: عالمة رياضيات وأستاذة مساعدة في كلية لندن الجامعية، تدرس أنماط السلوك البشري باستخدام النماذج الرياضية، لها إسهامات في منصة TED ووثائقيات تليفزيونية على BBC وPBS، وتقدم بودكاست علميًّا بالاشتراك مع BBC باسم “The Curious Cases of Rutherford & Fry”، من مؤلفاتها:
The Mathematics of Love
Rutherford & Fry’s Complete Guide to Absolutely Everything (Abridged)
The Indisputable Existence of Santa Claus: The Mathematics of Christmas
معلومات عن المترجم:
محمد أحمد جمال: روائي ومترجم، صدرت له رواية “طيران” ورواية “كتاب خيبة الأمل” الحائزة على جائزة أخبار الأدب الأولى عام ٢٠١٧، ترجم عدة مؤلفات منها: “البطل بألف وجه” و”إفطار الأبطال”.