العِلم الزائف ومختصو الأغذية
العِلم الزائف ومختصو الأغذية
إنَّ مُختصِّي الأغذية عبارة عن أعضاء في مهنة ابتُدِعت حديثًا، يهدفون دائمًا إلى خلق مساحة تجارية لتبرير وجودهم، ومع أن تناول الغذاء الصحِّي والبسيط، واتباع نظام غذائي نافع إلى جانب العديد من جوانب أسلوب الحياة الأخرى الجيدة، مسألة مهمة، فإن مختصِّي الأغذية في سبيل خلق سوق لأنفسهم وتحقيق منافع تجارية، فإنهم يُضفون الغموض على عملية التغذية وزيادة تعقيداتها بحيث يُرسِّخون اعتماد الأشخاص عليهم، فيتجاوز حديثهم في وسائل الإعلام الأدلة، ويدورون حول بيع الأقراص العلاجية، وفي بعض الأحيان بيع البِدع الغذائية الجديدة، أو التشخيصات الجديدة، فعندما كان يُروِّج “مايكل فان ستراتن” لعصائر الفاكهة بأنها قوى طبية سحرية، كان يُعدُّ شخصًا غريب الأطوار، أمَّا الآن فيجد نفسه في طليعة الموضة، ففي برنامج نيوزنايت على محطة “بي بي سي” يُعطي ستراتن مُقدِّم البرنامج كوبًا من العصير، ثم يقول ضاحكًا: “لقد أُضيفت سنتان إلى عُمرك! في الحقيقة 6 أشهر!”، ويقول مُضيفًا: “إن تناول الرُّمان، وعصير الرُّمان يقيان من الشيخوخة”، إذ إن المشاهد لهذا البرنامج وغيره من البرامج التي تستضيف مُختصِّي الأغذية، سوف يُخيَّل له أن هناك دراسةً نُشِرَت مُؤخرًا تُظهر أن الرُّمان يقي من الشيخوخة، فيأخذ هذا الكلام على أنه كلام علمي، لكن في الحقيقة لن تجد أي دراسة أو بحث علمي يُثبِت ذلك!
وعلى صعيدٍ آخر، يزعُم مُختصِّو الأغذية أن على المرء أن يأكل المزيد من مضادات الأكسدة، لأنها تُدمِّر “الجذور الحرة للشيخوخة”، وهي تفعل ذلك بالفعل، ومن ثمَّ فإن فكرة مضادات الأكسدة من الناحية النظرية تكون فكرة جذَّابة جدًّا، لأن زيادة تناولها ستبطئ من الشيخوخة وتقي من الأمراض، لكن عندما نعلم أن الجذور الحرة في منتهى الأهمية بالنسبة إلى الجسم للقضاء على البكتيريا في خلايا المناعة البلعمية، سوف ندرك أن تناول المزيد من مضادات الأكسدة هي فكرة في ظاهرها جيدة ومنطقية، لكنها في الحقيقة عكس ذلك، وهذا هو الشيء المُثير حقًّا في شأن العِلم.
إن مسألة التغذية مسألة معقدة جدًّا، فإذا التقطت صورة سريعة للأشخاص الذين يتناولون أقراص مضادات الأكسدة كمكمِّلات غذائية، غالبًا ستجدهم يتمتَّعون بصحة جيدة، لكن عند التمحيص، ستدرك أن امتلاكهم لصحة جيدة يتجاوز تناولهم لأقراص الفيتامينات، إذ ربما يمارسون الرياضة، أو لا يدخنون، أو يدخنون بوتيرة أقل، وغير ذلك من الأسباب الأخرى، وبناءً على ذلك سوف تدرك كيف يتم توظيف التعقيد والاختزال الشديد للغذاء في التضليل والبيع المفرط، ولا عجب فمنتجات صناعة أقراص المكملات الغذائية تبلغ 50 مليار دولار، ولن تجد أحدًا يقف أمامهم ليقول إنها غير فعَّالة، وفي بعض الأحيان ضارة!
الفكرة من كتاب العلم الزائف
يعرض الكاتب مجموعة من الأمور العبثية والتافهة التي تتلبَّس بلباس العِلم بسبب المصداقية التي تمنحها لها وسائل الإعلام، خصوصًا فيما يتعلَّق بالأخبار الطبية، لأنها نصف الأخبار العلمية المتداولة إجمالًا في وسائل الإعلام.
مؤلف كتاب العلم الزائف
بن جولديكر: هو طبيب بريطاني، وكاتب، ومذيع، درس الطب في كلية “مودلين” بجامعة أكسفورد، ويعمل حاليًّا في هيئة الخدمات الصحية والوطنية في المملكة المتحدة، ومن مؤلفاته:
شرور شركات الأدوية.
العِلم الزائف.
معلومات عن المترجم:
محمد سعد طنطاوي: هو مترجم مصري، مارس تدريس اللغة الإنجليزية لسنوات عدَّة في هيئات ومؤسَّسات وشركات، حكومية وغير حكومية، مارس مهنة الترجمة شفاهة وكتابة في عدد من الهيئات والمؤسسات والشركات، في الوقت الحالي يقوم بتدريس اللغة الإنجليزية في مجال الأعمال والمحادثات العامة، من ترجماته:
التفكير السريع والبطيء.
التاريخ الاقتصادي العالمي.
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء.
نظرية الفوضى مقدمة قصيرة.
حقوق الحيوان مقدِّمة قصيرة.