العُزلة الاجتماعية للأطفال
العُزلة الاجتماعية للأطفال
البيئة الاجتماعية الأولى للطفل هي أسرته، ويُقلد الأبوين في الأغلب، لأنهما من يساعدان على تقويم سلوكه وتكوين نفسه، كما يمتص الطفل تعاملاته الاجتماعية من الأسرة، ومنها: البناء اللغوي، والتواصل مع الآخرين ومع نفسه، وطرق التعبير، وآليات المواجهة في المواقف، ثم تأتي بعد ذلك المدرسة التي تكسبه بعض الخبرات من خلال التجارب المجتمعية المختلفة عن مجتمع بيته، لكن في الأساس يساعد الأهل الطفل على التعامل تبعًا لسمات مجتمعه، ويتعامل مع الأطفال الآخرين بنمطية مشتركة بينهم.
لكن لو نشأ في مجتمع ممزوج بثقافات مختلفة في الغالب فسوف يشعر بالتشتُّت الثقافي والاجتماعي واللغوي، ويبدأ بالمقارنة العقلية السلوكية، وإما أن يستطيع التمييز بنجاح، أو أن يكون غير قادر على المواكبة فيضطر إلى العُزلة الاجتماعية عن الآخرين، وهنا يأتي دور الأسرة في مساعدة أبنائها كي ينتموا إلى ثقافتهم من بين هذه الثقافات المختلفة، وتعليمهم كيفية التعبير عن أنفسهم وحاجاتهم بشكل مناسب أمام الآخرين، والاندماج المجتمعي كي لا يهرب منعزلًا عن المجتمع، وذلك عن طريق: إشراكه في ألعاب جماعية مع أطفال مختلفي الثقافات، والحوار معه حول سلوكيات الآخرين، وتوجيهه إلى من يجب الاقتداء به، واللعب بالتمثيل والتعبير ولعب الأدوار للأطفال الخجولين، وخروج الطفل مع والديه والتعريف به أمام الناس وبقدراته، وتعزيزه عند قيامه بسلوكيات مبادرة وإيجابية، وغرس روح المبادرة وحرية الاختيار والتعبير بداخله، فهذا كله يحمي أطفالنا من العُزلة الاجتماعية.
من توابع العزلة عند الأطفال الخجل، فيقول الأطباء إن الخجول لديه حالة انفعالية، وقد أثبتت الدراسات النفسية أن الأشخاص اللطفاء بشكل مبالغ فيه والمهذبين في الغالب يخفون الخجل المرضي عندهم بهذه المظاهر، كما أنهم مفرطو النظر في عيوبهم الشخصية، ويهدرون حقوقهم الشخصية، وينظرون إلى أنفسهم بسلبية، ويهتمون كثيرًا بآراء الناس فيهم، وينتج عن ذلك الخوف الشديد، والوحدة، والاكتئاب، وأسبابه هي: الحرمان من الاحتياجات الأساسية مثل الأكل، والحرمان العاطفي، والحرمان التربوي، والحماية الزائدة للطفل، والعيوب الجسدية مثل النحافة، والتدليل المفرط أو العقاب المفرط، والتعنيف الجنسي.
الفكرة من كتاب الأسرة ودورها في تنشئة الأطفال اجتماعيًّا وتربويًّا
العملية التربوية ليست عملية آلية لها منهج موحد، بل هي عملية فعَّالة مرنة، تأخذ منحنًى خاصًّا بها حسب مبادئ وقواعد كل أسرة، والذي يُميِّزها أن لكل مُربٍّ قواعده الأساسية التي يبني عليها هذه الأسرة وتبدأ منذ الصغر، ومن سمات هذه القواعد أن تكون واضحة ومفهومة وقابلة للتطبيق والمتابعة، وأن يحاول الوالدان توحيدها داخل الأسرة، وعلى ذلك يجب أن تتضمَّن التربية أسلوب الثواب والعقاب لأنها ليست عملية عشوائية، لذا جاء هذا الكتاب ليضع أمامنا مفاهيم مهمة حول الأسرة ودورها، ودور كل من الأم والأب، ودور المدرسة أيضًا.
مؤلف كتاب الأسرة ودورها في تنشئة الأطفال اجتماعيًّا وتربويًّا
تمارا محمد زياد الجاد الله.