العَلاقات البريطانية – النَّجْدِيَّة
العَلاقات البريطانية – النَّجْدِيَّة
بدأت الاتصالات بين عَبْدِ العَزيزِ بْنِ سُعُود أمير نَجْدَ وبِيْرسِي كُوكْس الوكيل السياسي البريطاني، وذلك عندما قرَّر ابن سُعُود الاستيلاء على الأَحْسَاء، وكان لا بد من الحصول على الدعم البريطانى لمنع هجمات العثمانيين البَحْرِيَّة على قواته بعد دخوله الأحساء، وذلك طِبقًا لمعاهدة عام ١٨٢٠ التي وقعتها بريطانيا مع شيوخ الخليج العربي لحظر التحركات العسكرية في الخليج العربي إلا للسفن البريطانية، ولكن الحكومة البريطانية تجاهلت ابن سُعُود لأن مصالحها لا تتعدى سواحل الخليج العربي وكذلك خوفها من الاصطدام بالدولة العثمانية.
وبعد سيطرة ابْن سُعُود على القَصِيم وامتلاكه السيادة في المنطقة الوسطى والجنوبية من نَجْدَ، تواصل مع كُوكْس ليؤكد له عزمه على ضم الأحساء واستعداده للتعهد لبريطانيا بتسهيل تجارتها في مدن الساحل، كما أنه لمّح بأن استمرار رفض بريطانيا لتأييده سوف يضطره إلى قَبول مساعدة الرُّوسيين، ولكن بريطانيا استمرت في تجاهله. وفي عام ١٩١٣ وبعد استيلاء ابْن سُعُود على الأحْسَاء، أصبح كوكس مقتنعًا بأن ابن سُعُود قد أصبح الحاكم الأقوى في الجزيرة العربية وأنه من الضروري الإبقاء على عَلاقة الصداقة بينهما، لذلك فقد أوصى حكومته بقَبول دعم ابن سُعود ووضع وكيل لها في الجزيرة العربية ليرعى مصالحها.
وقد كان للتحركات العثمانية في مياه البحرين ضد ابن سُعُود بعد طرده العثمانيين من الأحساء دورها في إثارة استياء كوكس، للدرجة التي دفعته إلى مطالبة وزير الخارجية البريطاني باتخاذ إجراءات لمواجهة التهديدات العثمانية، ولكن حكومة بريطانيا رفضت بحُجة أنها تسعى إلى عقد مفاوضات مع الدولة العثمانية، ثم أصدرت قرارًا بعدم التعامل نهائيًّا مع ابن سُعود.
وقد تغيرت هذه السياسة عندما اشتعلت الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا والدولة العثمانية عام ١٩١٤، حينها حاول كل طرف من أطراف الحرب استمالة ابن سُعود إلى جانبه، فسارع كوكس إلى عقد معاهدة معه نصَّت على توفير الحماية البريطانية له ضد هجمات العثمانيين البَحْرِيَّة مع الاعتراف به حاكمًا على نَجْدَ والأَحْسَاء، مقابل أن يتولى طرد العثمانيين من البصرة ويؤمِّن التجارة البريطانية هناك.
الفكرة من كتاب بيرسي كوكس والسياسة البريطانية إزاء أُمراء نَجْد، الكُويت، الِحَجاز، حَائِل (١٩١٥ – ١٩٢٣)
يتحدث الكتاب عن التطورات السياسية في الجزيرة العربية منذ نشأة الدولة السعودية عام ١٩٠٢ وحتى عام ١٩٢٣، وكيف أثَّر ذلك في تغيُّر الخريطة السياسية لدول الجزيرة العربية، كما يسلط الضوء على السياسة البريطانية تجاه أمراء الجزيرة العربية الذين كانوا سلاحًا للحد من تزايد نفوذ الدولة العثمانية، فقد عملت بريطانيا على إيجاد حالة من الوِفاق بينهم لتتمكن من استمالتهم إلى جانبها في الحرب العالمية الأولى حتى تستطيع هزيمة الدولة العثمانية، وقد وَجَبَ على بريطانيا التدخل في عديد من المواقف للحد من الخلافات ووقف النزاعات بين الأمراء، من أجل توطيد نفوذها وحماية مصالحها في الخليج العربي والجزيرة العربية وكذلك لحفظ توازن القوى بين دول الجزيرة العربية.
مؤلف كتاب بيرسي كوكس والسياسة البريطانية إزاء أُمراء نَجْد، الكُويت، الِحَجاز، حَائِل (١٩١٥ – ١٩٢٣)
صبري فالح الحمدي: باحث سياسي وأستاذ في جامعة المستنصرية بالعراق، تولى رئاسة مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، حصل على جائزة أفضل كتاب عام ٢٠١١، كما حصل على مرتبة العلماء عام ٢٠١٦، له عديد من المؤلفات والأبحاث العلمية، مثل:
الصراع الدولي في الخليج العربي.
أضواء على تاريخ البحرين الحديث.
أشراف الحجاز في القرن الثامن عشر.