العولمة الاقتصادية
العولمة الاقتصادية
تضمَّنت أجندة الاهتمامات الدولية خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية النظام الاقتصادي العالمي، فلم يرغب الجميع في تكرار أخطاء فترة ما بين الحربين والدخول مرة أخرى في فترة كساد مثلما حدث خلال العام 1929، فكان على رأس المؤسسات الدولية التي تم تدشينها صندوق النقد والبنك الدوليان، بالإضافة إلى بروز ظاهرة الكيانات الاقتصادية العملاقة المتمثِّلة في الشركات العابرة للقارات، أو كما يطلق عليها متعدِّدة الجنسيات.
نتيجة لتلك التغيرات بدا أن العالم يتجه نحو فلسفة جديدة ترتكز على تكثيف العلاقات الاقتصادية عبر الحدود، وبخاصةٍ فيما يتعلَّق بالتجارة والاستثمار وتدفُّق رؤوس الأموال، لا سيما مع التطوُّرات الحاصلة في تكنولوجيا الاتصالات وعمليات الإنتاج وحركة البضائع بين الدول، فالأمر لا يسير على المنوال القديم، وهذا ما يعبَّر عنه بمصطلح العولمة الاقتصادية التي صارت تبدو كأنها قوة طاغية تستعصي على السيطرة، كما أنها تستمد قوتها من أحد أكثر الحوافز قوة لدى البشر، ألا وهو اللهاث وراء الربح، ولهذا تزداد الحاجة إلى تطعيم عقلية صانع القرار بخرائط عقلية جديدة تعمل على الموازنة بين الاعتبارات الوطنية والضغوط الدولية.
ورغم أن العولمة الاقتصادية وما خلقته من تعاون اقتصادي غير مسبوق قللَّت إلى حد كبير فرص انجرار العالم إلى مستنقع الحروب وفق رؤية البعض، فإن العالم على الجهة الأخرى لم يتحوَّل إلى المدينة الفاضلة، ولذا من الوارد أن يشهد العالم أشكالًا مختلفة من التنافس والصراع وعدم الاستقرار والمخاطر المشتركة، وعلى الناحية الأخرى نجد أن العولمة أنتجت مجموعة من الشرور عبر فتحها قنوات دولية بين الاقتصادات العالمية بعضها وبعض، فالاقتصاد الأسود اليوم وما يرتبط به من جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب أصبح من الصعب ترويضه فضلًا عن القضاء عليه، كما أن الأزمات المالية اليوم تمكَّنت من إيجاد طريقها من الدولة الأم إلى باقي دول العالم أجمع كما حدث في الأزمة المالية العالمية 2008 وأزمة جائحة كورونا.
الفكرة من كتاب إعادة النظر في النظام الدولي الجديد
في اللحظة التي بلغ فيها النظام الدولي درجة لم يعرفها قط من الاستقرار النسبي، يتأزَّم كلٌّ من البعدين السياسي والاقتصادي للنظام العالمي، ورغم أن هناك مجموعة واسعة من المؤسسات الدولية الكبرى على رأسه؛ فإنها على درجة من الضعف جعلها تلقَى فقط اعترافًا شكليًّا في معظم الدول ولا تصلح أساسًا متينًا لنظام دولي مستقر، لذا كانت أهمية هذا الكتاب ليطلعنا على الماضي والواقع والمستقبل في آن واحد.
مؤلف كتاب إعادة النظر في النظام الدولي الجديد
يورغ سورنسن Georg Sorensen: أستاذ العلوم السياسية ونظم الحكم في جامعة آرهوس، حصل على الماجستير في العلوم السياسية 1975، وعلى درجة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية 1983، وكان عضو مجلس البحوث الأوروبي 2012، وعضو مجلس إدارة معهد أبحاث السلام في أوسلو 2013.
له العديد من المؤلفات منها: “الدول الهشة: العنف وفشل التدخل”، و”نظام عالمي ليبرالي في أزمة.. الاختيار بين الفرض وضبط النفس”، و”تحول الدولة.. ما وراء أسطورة التراجع”.