العودة إلى الحياة
العودة إلى الحياة
دخلت باتريشيا إتش في غيبوبة مدتها عشرون ساعة وعانت نزيفًا دماغيًّا حادًّا بسبب جلطة دموية في النصف الأيسر من دماغها، وبعد إزالة الجلطة كانت في حالة تُسمى بـ”حالة إنباتية مزمنة”، وتعني أنها كانت تستطيع إبداء ردود فعل بدائية لكن من دون وعي، وفي يوم من الأيام رأت ابنتها أنها تحدِّق بمشروب الكولا فسألتها هل تريدينه وأومأت باتريشيا وهنا تغيَّر كل شيء.
استعادت باتريشيا وعيها وتبيَّن أن جانبها الأيمن كان مشلولًا، وأنها أُصيبت بالحبسة، أي فقدت القدرة على فهم اللغة والتعبير بها وبالتالي استعانت بالإيماء والإشارات، وتختلف الحبسة التعبيرية في أشكالها وحدَّتها، فقد تظهر في اختيار الكلمات الخاطئة أو في عدم القدرة على تكوين جمل كاملة، ومع ذلك يتمتَّع المصابون بالحبسة بقدرة مثالية على التفكير المنطقي والتذكر والتوقع، على عكس الاعتقاد الشائع أن الحبسة تنهي حياة الشخص، وهذا هو ما قيل لابنتي باتريشيا لكنهما رفضا قبول ذلك، وأودعوها مستشفى بيث إبراهام حتى تتحسَّن وهناك قابلها أوليفر.
كانت باتريشيا في البداية غاضبة ومتألمة، وكانت تتوق إلى الكلام وتُحبط عند نُطق الكلمة الخطأ حتى بدأت تميل إلى الصمت، لكن بعد عام فقط طوَّرت مهارة فهم الآخرين، وطوَّرت من قدرتها على التعبير باستخدام الحركات الإيحائية والإيماءات، ولم يكن أوليفر متأكِّدًا من أن هذا التحسُّن كان تحسنًا عصبيًّا فعليًّا لأن المصابين بالحبسة يكتسبون تزايدًا تعويضيًّا في القدرات غير اللغوية كقراءة نوايا الآخرين.
الفكرة من كتاب عين العقل
يسرد طبيب الأعصاب أوليفر ساكس عددًا من الحالات الطبية المثيرة للاهتمام التي مرَّت عليه، ويشتركون جميعًا في الإصابة بأمراض عصبية مختلفة أثَّرت في قدرتهم على رؤية وإدراك العالم من حولهم، ويسلِّط الطبيب الضوء على كيفية تكيُّف كل شخص مع حالته ودور العقل البشري في إيجاد طرق مبتكرة ليساعد صاحبه على التعامل مع عالمه المتغير.
مؤلف كتاب عين العقل
أوليفر ساكس: طبيب أعصاب بريطاني، وكاتب، قضى حياته المهنية في الولايات المتحدة الأمريكية، وحاز رتبة القائد في رتب الإمبراطورية البريطانية، وكان عضوًا في جمعية الكلية الملكية للأطباء في بريطانيا.
من أعماله: “الرجل الذي حسب زوجته قبعة”، و”أريد ساقًا أقف عليها”.
معلومات عن المترجمة:
ياسمين العربي: مُترجمة تخرجت في كلية الدراسات الإنسانية، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها والترجمة الفورية، بجامعة الأزهر، عام ٢٠٠٩، وتعمل حاليًّا في مؤسسة هنداوي في وظيفة مترجم أول.
من ترجماته: “هدنة لالتقاط الأنفاس”، و”قانون رجال العدالة الأربعة”.