العوامل المحددة للأخلاق الفردية
العوامل المحددة للأخلاق الفردية
لا شك أن الفرد كثيرًا ما يتمرَّد على تلك الروادع الاجتماعية للبيئة التي ينشأ في كنفها، فهو لا ينفكُّ عن التحايل على القوانين والنظم والعادات والزواجر الأخلاقية الجمعية بحثًا عن مصلحته الشخصية، من هنا لم تكن الأخلاق الجمعية هي الفاعل الوحيد لتحديد السلوك البشري للأفراد، بل أضحت هناك ضرورة لبحث الأخلاق الفردية وسبل النفاذ إليها ومحاولة تطويعها مع نظيرتها الجمعية.
أخلاق
وبالولوج إلى العوامل المحددة لأخلاق الفرد نجد أن الصفات الخُلقية التي تولد مع الشخص تحدد إلى حد بعيد سلوكه الشخصي، فهي إنما تُشكِّل عصارة أسلافه الناشئة عن المزاج النفسي لعرقه البشري، المتوارَثة بين منتسبيه بدرجة أو بأخرى، ولا شك أن للبيئة أثرًا لا يُنكر في قيم الفرد وسلوكه الشخصي، وكثيرًا ما كانت تؤثر في مدى قابلية الأفراد لمفاهيم كالخير والشر، وهنا يأتي دور التنشئة المجتمعية التي تعمل على نقل بعض الصفات من منطقة الشعور إلى اللاشعور فتحدد بذلك القالب الأخلاقي للشخص.
كما يجدر التنبيه إلى أن المذهب النفعي الذي انتهجه البعض كأساس للأخلاق الفردية لا يصلح ركيزة لتشكيل السلوك الفردي، ذلك أن العلاقة النفعية لا تُحدث أي سياج أخلاقي ولا تُفسر في الوقت ذاته قيام البعض بالتضحية وتعريض أنفسهم للهلاك في سبيل بعض الغايات أو حتى لإنقاذ غيرهم من الموت، كما لا يخفى التعارض الواضح بين إيثار الأخلاق وأنانية المذهب النفعي، ويُلاحظ أن الضرورات وحاجة الإنسان إلى الشعور بالشرف والكرامة والحفاظ على حرمته تعد لبنات مهمة في البناء الأخلاقي الفردي، فهي تفرض بعض القواعد الضرورية التي تجد طريقها للتسلل إلى اللاشعور فتقوم على أثرها أخلاق لا شعورية يخضع لها الأفراد دون عناء، كما تدفعه إلى تقليم أظافر السلوك لديه أو إلى تجشم الصعاب للحصول على مجد شخصي.
الفكرة من كتاب حياة الحقائق
يعتري البشر العديد من الاحتياجات المادية والنفسية، ويبدو أن الاحتياج النفسي إلى فكرة وجود الإله أضحى من الإلحاح ما دفع الإنسان إلى محاولته الارتكان إلى أوهام دينية ليقبع مختارًا في حظيرة العبودية..
يتحدث غوستاف لوبون عن المقدسات الثلاثة للشعوب والمتمثلة في الروح الدينية والأخلاق والفلسفة المعرفية، ويتناول كلًّا منها بالشرح والمثال، باحثًا عن مصادرها ونتائجها التي وجَّهت البشر عبر التاريخ، فلو نظرت إلى تعاقب نتائج تلك الحقائق الثلاث لم تجد الحاضر إلا وليد الماضي.
مؤلف كتاب حياة الحقائق
غوستاف لوبون Gustave Le Bon: طبيب ومؤرخ فرنسي، وواحدٌ من أشهر المؤرخين الأجانب الذين اهتموا بدراسة الحضارات الشرقية والعربية والإسلامية، ولد في مقاطعة نوجيه لوروترو، بفرنسا عام ١٨٤١م، ودرس الطب، وقام بجولة في أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، وأنتج مجموعة من الأبحاث المؤثرة عن سلوك الجماعة، والثقافة الشعبية، ووسائل التأثير في الجموع، ما جعل من أبحاثه مرجعًا أساسيًّا في علم النفس، تُوفِّي في ولاية مارنيه لاكوكيه، بفرنسا 1931م.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
حضارة العرب.
الآراء والمعتقدات
سيكولوجية الجماهير.
السنن النفسية لتطور الأمم.