العوامل المحددة للأخلاق الجمعية
العوامل المحددة للأخلاق الجمعية
تعدَّدت آراء الفلاسفة وعلماء اللاهوت في تحديد أهم العوامل التي تؤدي إلى تشكيل القالب الأخلاقي لأمة ما، ونتيجة لاختلافهم حول منشأ تلك الأخلاق ذكر بعضهم عوامل وهمية ظنًّا منه أنها تشكِّل أساسًا للأخلاق، فذكر بعضهم الديانات وعزا إليها الفضل في تكوُّن الأخلاق بيد أن البحث التاريخي يثبت خطأ هذا التصور حيث قلما اشتملت الأديان القديمة على اهتمام بالتعاليم الخُلقية.
كما أرجع بعضهم أساس الأخلاق إلى مبادئ ما بعد الطبيعة واعتقاد الثواب والعقاب بعد الموت، وهذا مذهب هزيل قائم على علاقة نفعية تهدم أساس الأخلاق من جذورها، في حين نجد لفيفًا من العلماء أوضح أن التعليم هو الوسيلة الأقوم لتنمية الأخلاق، وهذا وهم كبير، فالأخلاق والتعليم لا يجتمعان وفق ناموس واحدٍ أبدًا، فالأولى إنما تقوم على التسليم المطلق، أما التعليم فيقوم على النقد والفحص الذي يؤدي بدوره إلى زعزعة الأساس العاطفي الذي هو أصل كل خُلق.
على الجانب الآخر نجد أن هناك عدة عوامل حقيقية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقضية الأخلاق، ومن ذلك مثلًا العادات والتقاليد المجتمعية الموروثة وأثر الجماعات الوظيفية التي ينتظم الفرد داخل بوتقتها وَفقًا لمصالح خاصة، وكذلك النظرة المجتمعية أو ما يطلق عليه “الرأي العام”، فعند نشأة الأخلاق في بادئ أمرها كنوع من الضرورات العاطفية والبيئية تعمل القوانين على حمايتها من براثن العقل البشري حتى إذا ما استقرت انتقلت بدورها إلى دائرة اللاشعور لتشكِّل بذلك عادات موروثة تتأسَّس عليها النظرة المجتمعية،كما أن اندفاع الأمة نحو تصديق الأوهام ومدى استجابتها للمؤثرات التخيلية القابعة في اللاشعور يبيِّن بجلاء أن الأخلاق لا تصدر عن ضرورات الاجتماع فقط، بل عن أوهامنا أيضًا.
الفكرة من كتاب حياة الحقائق
يعتري البشر العديد من الاحتياجات المادية والنفسية، ويبدو أن الاحتياج النفسي إلى فكرة وجود الإله أضحى من الإلحاح ما دفع الإنسان إلى محاولته الارتكان إلى أوهام دينية ليقبع مختارًا في حظيرة العبودية..
يتحدث غوستاف لوبون عن المقدسات الثلاثة للشعوب والمتمثلة في الروح الدينية والأخلاق والفلسفة المعرفية، ويتناول كلًّا منها بالشرح والمثال، باحثًا عن مصادرها ونتائجها التي وجَّهت البشر عبر التاريخ، فلو نظرت إلى تعاقب نتائج تلك الحقائق الثلاث لم تجد الحاضر إلا وليد الماضي.
مؤلف كتاب حياة الحقائق
غوستاف لوبون Gustave Le Bon: طبيب ومؤرخ فرنسي، وواحدٌ من أشهر المؤرخين الأجانب الذين اهتموا بدراسة الحضارات الشرقية والعربية والإسلامية، ولد في مقاطعة نوجيه لوروترو، بفرنسا عام ١٨٤١م، ودرس الطب، وقام بجولة في أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، وأنتج مجموعة من الأبحاث المؤثرة عن سلوك الجماعة، والثقافة الشعبية، ووسائل التأثير في الجموع، ما جعل من أبحاثه مرجعًا أساسيًّا في علم النفس، تُوفِّي في ولاية مارنيه لاكوكيه، بفرنسا 1931م.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
حضارة العرب.
الآراء والمعتقدات
سيكولوجية الجماهير.
السنن النفسية لتطور الأمم.