العوامل البعيدة في تشكيل عقلية الجماعات
العوامل البعيدة في تشكيل عقلية الجماعات
يحكم عملية ظهور الأفكار واعتناقها عدد من العوامل، يمكن تقسيمها إلى نوعين أساسيين، أولهما هو العوامل البعيدة، وهي بمثابة الوسط الحاضن لنمو تلك الأفكار، والنوع الثاني وهو المتمثل في العوامل القريبة فهي التي تتولَّى مسؤولية إخراج تلك الأفكار إلى حيز الظهور.
يمثل الشعب قطبي الرحى بالنسبة إلى المحددات البعيدة في تشكيل معتقدات الجماعات وأفكارها، فهو صاحب اليد الطولى في تشكيل المبادئ الأساسية الحاكمة لكل أمة من الأمم، أبرزها العقد الاجتماعي واللغة والثقافة والأدب والفنون، وبالطبع لا ننسى المعتقدات الدينية وغير ذلك من عناصر المدنية والحضارة، كل تلك الأدوات من شأنها أن تؤثر في العملية الفكرية للجماعات، إذ تتغير الأفكار والمعتقدات تبعًا لتغير تلك المبادئ الأساسية، أما العادات والتقاليد فهي أشبه بالصنم الاجتماعي، الذي يجد الجميع نفسه مضطرًّا إلى الطواف حوله، فهي تمثِّل أشد الأفكار قوة ورسوخًا في حياة الأمم، تلك الأفكار التي تشكَّلت عبر الماضي بكل موروثه، وتعد الجماعات أشرس جنودها، فهي تقف كحائط صد أمام محاولات الصدام مع النظم والتقاليد الموروثة.
في حين لا ننسى بالطبع أثر الأنظمة السياسية والمجتمعية في تشكيل العقل الجمعي للجماعات، ففي النهاية تتكوَّن تلك الأنظمة جرَّاء الصراع بين الجماعات المكونة للمجتمع وتغلُّب إحداها على الأخرى، بيد أن أولى عمليات التغيير الحقيقية للقناعات تبدأ من التربية والتعليم خصوصًا في مرحلة المهد وتشكُّل أولى لبنات الأفكار، فالتعليم – وكذا التربية – إذا حُسِّنت طرائقه من المؤكد أن يتسبَّب في تغيير جذري على المدى الطويل، لأن الزمن أيضًا له دوره المحوري، فهو يشكل البوتقة التي تتم فيها تفاعلات كل تلك العوامل مجتمعة.
الفكرة من كتاب روح الاجتماع
إن الإنسان مدنِي بطبعه، فهو لا يستطيع العيش بمفرده، لذا يضطر إلى الانتظام في جماعات من أجل تأمين احتياجاته المادية والمعنوية على السواء، من هنا كانت الجماعات في حد ذاتها ضرورة..
يسلك الكاتب في هذا الكتاب مسلكًا يرتكز على القواعد العلمية، في دراسة أحوال الجماعات وسبر أغوارها، وكيف تتشكَّل نظرتها إلى الواقع المحيط، كما يدلف إلى قانونها النفسي والعوامل التي تحدِّد قالبها الفكري والشاعري.
مؤلف كتاب روح الاجتماع
غوستاف لوبون Gustave Le Bon: طبيب ومؤرخ فرنسي، يعدُّ من أشهر المؤرخين الغربيين الذين اهتموا بدراسة الحضارات الشرقية والعربية والإسلامية، وُلد في مقاطعة نوجيه لوروترو، بفرنسا عام ١٨٤١م، ودرس الطب، وقام بجولة في أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، واهتم بالطب النفسي وأنتج فيه مجموعة من الأبحاث المؤثرة عن سلوك الجماعة، والثقافة الشعبية، ووسائل التأثير في الجموع، مما جعل من أبحاثه مرجعًا أساسيًّا في علم النفس، توفي في ولاية مارنيه لاكوكيه، بفرنسا 1931م.
من أهم مؤلفاته:
حضارة العرب.
سيكولوجية الجماهير.
السنن النفسية لتطور الأمم.
روح الثورات والثورة الفرنسية.