العمل وثمرة العلم وحب الذات
العمل وثمرة العلم وحب الذات
إن التعلم بمفهومه الواسع يعرف بثلاث نقاط هي الإدراك؛ وهو تصور مجرد للأشياء، والقواعد؛ وهي المبادئ والقوانين التي تحكم تصرفاتنا، والملكة؛ وهي الخبرة المكتسبة الناشئة عن العمل والممارسة، ونحن نتعلم حين نعمل، والمعرفة الوحيدة التي تعلق في أذهاننا هي التي نستخدمها، يقول أحد التابعين: “كنا نستعين على حفظ أحاديث رسول الله ﷺ بالعمل بها”، ولذا كان مقتضى الدين بعد الإيمان بالله التأسِّي بنبيه واتباع سنته لأنه ﷺ كان المثال العملي الحي لتطبيق الوحي والتمثُّل به، فإن أمرت بالخير فافعله، وإن نهيت عن شر فابتعد عنه، وما يكفي حسن البيان عن الكمال دون بلوغه!
وحب النفس غريزة أصيلة في الإنسان، وقد يظن بعض الناس في ذلك الشر، إلا أن حسن تقدير الإنسان لذاته يجعله أكثر ثباتًا وهدوءًا وإنتاجية، وهو أحد دوافع العمل وأسرار التقدم في الدنيا والفوز في الآخرة، ولا يكون مشكلة إلا إذا زاد عن حدِّه وتمركز الإنسان حول ذاته، فتلك الأنانية تفسد كل فضيلة وتضيع مصالح الأفراد والمجتمع، وهو ما يجب أن يُقوم منذ الطفولة المبكرة، ويتعلَّم الطفل أن يعتدل في نظره إلى نفسه ويقدِّرها حق قدرها دون غلو أو نقص، وتطهير النفس من أثرتها ليس يسيرًا وإنما يحتاج إلى مجاهدة ومران طويل، وقد جعل الإسلام الأخوة العامة نظامًا عادًلا يحفظ الحقوق والواجبات، موازنًا بين ما يحبه المرء لنفسه وما يجب عليه تجاه الآخرين، فالمؤمن الحق عضو نافع في المجتمع لا يصدر عنه إلا الخير.
الفكرة من كتاب جدد حياتك
يعدُّ هذا الكتاب عرضًا للمبادئ الراقية المتوافقة مع الفطرة، والتي وردت في كتاب “دع القلق وابدأ الحياة” لديل كارنيجي وردها إلى أصولها في الشريعة الإسلامية، فالإسلام هو دين الفطرة، وتعاليمه المعنية بكل شؤون الحياة هي توثيق لكل الأفكار الصحيحة والطبائع السليمة التي تنشد العيش في كمال وسلام، فمنطق الطبيعة الإنسانية الصحيحة في الوصول إلى طريق الخير يوافق الآيات السماوية في هداية الناس إلى الطريق المستقيم.
غير أن هذه الفطرة لا بدَّ أن تكون نقية وغير معتلَّة، فالفطرة السليمة هي التي تبيِّن لنا الحق والخير، ونحن وإن عجزنا عن كفِّ ذوي الفطر العليلة المشوَّهة عن الدين، فعلينا أن نفسح الطريق لأسوياء النفوس وذوي البصائر فينفعوا الناس بما شرع الله فيحسنون فَهم تعاليمه وعرضها.
مؤلف كتاب جدد حياتك
محمد الغزالي عالم ومفكر إسلامي مصري، ولد عام 1917 وتوفي عام 1996، تخرَّج في كلية أصول الدين، وتخصَّص في الدعوة والإرشاد، عمل بالتدريس في جامعة أم القرى بمكة المكرمة وفي كلية الشريعة في قطر، وعُيِّن وكيًلا لوزارة الأوقاف في مصر، تميَّز بأسلوبه الأدبي في الكتابة فأُطلق عليه لقب «أديب الدعوة»، وعُرِف عن الشيخ إلى جانب عاطفته الحاضرة قوَّته في الحق، فكان مدافعًا عن الإسلام، ومتصديًا للاستعمار، وانتقد الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي.
ترك ميراثًا كبيرًا من الكتب، منها: «خلق المسلم» و«عقيدة المسلم» و«ليس من الإسلام»، و«حقيقة القومية العربية وأسطورة البعث العربي» و«الفساد السياسي» و«فقه السيرة».