العمل والزمن وجهان لعملة واحدة
العمل والزمن وجهان لعملة واحدة
يعد العمل والزمن صنوان لا ينفصلان عن بعضهما، فهما مكونان أساسيان لا غنى عنهما في نجاح أداء المجتمعات وتطورها؛ قديمًا كان كل من التجّار والفلاحين يقعون تحت رحمة فصول السنة وتقلّبات الطقس غير الاعتيادية على مدار العام، وكان العمل يرتبط دائمًا بالظواهر الطبيعية كالعمل من بزوغ الفجر وحتى دخول الليل، وكان الناس يقيمون الصلاة والطقوس الدينية من أجل ضبط النظام الطبيعي والتحكم فيه، وكانت فكرة هدر الوقت خطيئة لا تغتفر، لأن الإيمان الديني كان يحث الناس على العمل والإنتاج.
ومع انتشار الرحلات التِّجارية، تحوّل الزمن إلى “موضوع للقياس”، وصارت هناك أجراس خاصة تدق لتعلن عن وقت العمل وانتهائه، ووقت عقد الصفقات التِّجارية، وأصبح يؤخد في الاعتبار طول مدة السفر ومدة العمل، فحل ذلك محل زمن البيئة الطبيعة التي لا يمكن التنبؤ بها، وفي ذلك الوقت كانت (وحدة قياس) وقت العمل هي “اليوم” المتمثل في يوم العمل الزراعي، وكان وقت العمل غير دقيق وغير معني بالإنتاجية، وكان العمّال لا يثقون في من يتحكمون في تلك الأجراس، إلا أن هذا التغيير في ساعات العمل من كونها معتمدة على الساعات الدينية التي تعلن عنها الكنيسة بأجراسها والظواهر الطبيعية، وتحولها إلى ساعات خاصة بالعمل قد أدت إلى “علمنة الزمن”.
ومع اختراع الساعات الميكانيكية المؤلفة من “ستين دقيقة” في القرن الرابع عشر وانتشارها، حلت “الساعة” محل اليوم وَحدةً لقياس وقت العمل، فاستبدل مفهوم ساعات العمل بمفهوم يوم العمل، وأصبح ما يعنيه الزمن بالنسبة إلى المتدينين، هو نفسه ما تعنيه ساعة اليد بالنسبة إلى المنغمسين في الشؤون الدنيوية، وبحلول القرن التاسع عشر، انتشر زمن الساعة في طول العالم وعرضه وأصبح هو الزمن المعياري، وبِناءً على ذلك أصبحت الساعة الأساس الزمني لرأسمالية السوق، وأُجبر الناس على التحول من العمل في الحقل والمنزل إلى العمل في المصنع والمعمل، فصار المصنع والمعمل كالسجن، وكانت الساعة هي القفل!
الفكرة من كتاب وقت العمل.. الصراع والضبط والتغيير
يُلقي الكتاب نظرة عامة وشاملة على وقت العمل في الماضي والحاضر، وتطور وقت العمل حتى وصل إلى وضعه الحالي، كما يُبين نضال العمال خصوصًا في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تقليل أيام العمل وساعاته، فكثير من الناس كانوا وما زالوا يعانون ويشتكون من العمل لساعات طويلة تستغرق معظم يومهم مقابل أجر زهيد لا يكفي احتياجاتهم كما أنه يتعارض مع مسؤولياتهم تجاه أسرهم، ويوضح الكتاب أيضًا أن هناك عديدًا من الخيارات التي يتخذها العمّال بإرادتهم أو رغمًا عنهم تؤثر في العَلاقة بين العمل والحياة، كالعمل بدوام جزئي أو العمل المؤقت، ويبين تأثير تلك الأعمال في الحياة الشخصية للعمّال.
مؤلف كتاب وقت العمل.. الصراع والضبط والتغيير
سينثيا ل. نيغري: أستاذة مشاركة تدرِّس علم الاجتماع في جامعة لويزيانا في الولايات المتحدة الأمريكية.
معلومات عن المترجمة:
ابتسام بن خضراء: مترجمة مغربية ذات أصل فلسطيني، حصلت على إجازة في الأدب الإنجليزي من جامعة دمشق، ونالت درجة الدكتوراه، وتخصصت في الترجمة بعد التحاقها بالجامعة الأمريكية في القاهرة، من ترجماتها:
السيرة هيرمايوني لي.
المكتبة العامة وقصص أخرى.
كوكب في حصاة.
سباق مع الرياح.