العمل والحب والسعادة
العمل والحب والسعادة
بالنظر إلى أننا نقضي جزءًا كبيرًا من حياتنا كبالغين في العمل، فطبيعة عملنا سيكون لها تأثيرات فينا لا محالة، أحدها هو مدى كوننا سعداء أو غير سعداء، ويرى البعض أن وظيفة سيئة ستجعلك بائسًا تمامًا، لكن متى كان المخ مباشرًا لهذه الدرجة؟ وما الذي تفعله وظائفنا لأمخاخنا لتجعلنا سعداء أو أشقياء؟ تقول الأبحاث إن كان العمل يحثُّ على المشاركة في نشاط بدني سيكون لذلك فوائد على المخ، حيث يُفرز الإندورفين، وهي المادة الكيميائية المسؤولة عن السعادة، وأيضًا النشاط الذهني له فوائد للمخ، حيث يحمي المخ من الألزهايمر والعته، لكن لو كان المجهود البدني يجعلنا سعداء فلماذا نتجنَّبه باستمرار؟ في الواقع قد يصبح المجهود البدني ضارًّا، فالإنسان لديه طاقة محدودة، والنشاط البدني المبالغ فيه يعني استنفاد مخزون الطاقة لدينا.
وأيضًا القيام بعمل دون عائد كافٍ يجعلنا أشقياء، فلا تحب أمخاخنا بذل الجهد هباءً، وألا ينخرط فيها مشاعر وتصوُّرات سلبية، ويميز المخ المال حيث يستثير استجابة في أجزاء من المخ، لكن كما ذكرنا سابقًا أن المخ يعتاد أي شيء، حيث يصبح المال فيما بعد مألوفًا وموثوقًا، لكن من حسن الحظ أن هناك جوانب أخرى من العمل يراها المخ مُجزية مثل الشعور بالسيطرة والسلطة، ففي حين أنه من المحتمل أن يجعلك عملك سعيدًا، يبقى الأمر معكوسًا من منظور المخ، إذ يرى غالبًا أن السعادة تكمن في العمل.
ومن المأثورات أيضًا أنك عندما تجد الحب الحقيقي ستعيش في سعادة دائمة، لكن هل هذا دقيق؟ كشفت الدراسات أننا حين نقع في الحب، يحدث عندنا زيادة كبيرة في هرمون الدوبامين في الجهاز العصبي المركزي، وهو الهرمون المسؤول عن اللذة والمكافأة، وهذا يفسر بذل المُحب جهدًا كبيرًا لرؤيته حبيبه فقط، وبجانب هذا هناك زيادة ملحوظة في النورأدرينالين عند الوقوع في الحب، وهذا يزيد الانتباه ويُسبِّب الأرق، وهذا يفسِّر إصابة قلوبنا بالجنون عندما نقع في الحب، ونتيجة لهذا تقل مستويات السيروتونين، وهو المسؤول عن الشعور بالاسترخاء، فيؤثر هذا كله في الحالة المزاجية، فتتوقَّف سعادتنا على وجودهم المستمر، فماذا لو تخلَّوا عنا، أو أجبرتنا ظروف الحياة على التخلي عنهم؟
الفكرة من كتاب المخ السعيد.. العلم الخاص بمصادر السعادة وأسبابها
حاول أغلب العلماء قياس السعادة، ووعدت آلاف المنتجات بها، وقضى أغلب البشر حياتهم في البحث عنها، ويعتبرها البعض شعورًا، والآخر عاطفةً، حسب أفكار كلٍّ منهم ومبادئه، لكن يحاول الكاتب هنا اكتشاف إجابات لبعض الأسئلة الجوهرية فيما يتعلَّق بالسعادة، فما المعنى الفعلي لكوننا سعداء؟ وما مصادر السعادة؟ وهل هنالك سعادة أبدية؟
مؤلف كتاب المخ السعيد.. العلم الخاص بمصادر السعادة وأسبابها
دين برينت : عالم أعصاب، ومحاضر في الطب النفسي، ومؤلف مدوَّنة الجارديان العلمية، وله العديد من المؤلفات، منها:
المخ الأبله.