العمل عبادة
العمل عبادة
وبعد أن ينجلي الليل بظلمته يغمرنا النهار بنوره، فيُطوى زمان القيام والمناجاة ليأتي زمان الكدح والعمل وكلاهما عبادة، فأوقات المسلم العاقل كلها عبادة إن جمع قلبه وأخلص نيته.
كلٌّ يغدو إلى عمله في الصباح الباكر يواجه الحياة ويطلب الرزق والكفاف ويسعى جاهدًا في إعالة أهله وتحقيق آمالهم وطلباتهم ولن يستطيع أن يقوم بذلك بمفرده بغير توكُّل على الله واستعانة به، فيأتي الذكر يعينه من لحظة خروجه من منزله فيقول كما وصى سيد الأنام (صلى الله عليه وسلم): “بسم الله توكلت على الله اللهم إني أعوذ بك من أن أزل أو أُزَل، أو أضل أو أُضَل، أو أظلم أو أُظلَم، أو أجهل أو يُجهل عليَّ”، وكان يقول أيضًا: “من قال -يعني إذا خرج من بيته- بسم الله توكلت على الله ولاحول ولا قوة إلا بالله يُقال له: هُديت وكُفيت ووقيت”.
إن طبيعة عملية البيع والشراء والتكسُّب قد يدخلها شيء من التطفيف أو الظلم أو الغش أو الخداع والمسلم يتحرَّى الحلال دومًا ولا يقبل على نفسه أن يصيب مالًا حرامًا، ولذا كان له أن يقول: “اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك”.
وبعد هذه الوصايا ماذا كان موقفه هو (صلى الله عليه وسلم) من هذه الدنيا وما فيها من متاع؟ لم تكن الدنيا لتجرؤ على أن تمس شغاف قلبه (صلى الله عليه وسلم)، فهو الذي أخبر أنه لو لديه مثل جبل أُحد ذهبًا فإنه لن تمر عليه ثلاث ليال حتى ينفقها كلها، وكان يملك غنمًا وشياهًا تملأ واديًا كاملًا فلا تغيب الشمس إلا وقد فَرَّقها!
ولقد امتلأ الوحي بالنصوص الكثيرة التي تحثُّ على الإنفاق والصدقة في أوجه الخير وتنهى عن البخل والشح، فهي من أوسع أبواب البركة في الرزق، ومن ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم): “ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا”.
إن هذا الدين ليس دين السرف المطغي، ولا الزهد المتطرف، ولا مكان فيه للمتواكلين دعاة الكسل طالبي الأرزاق بغير كدح ولا سعي، ولا للطغاة المتعالين المتفاخرين، وإنما الدين دين عمل وسعي ديني ودنيوي والله يرزق ويبسط لمن يشاء.
الفكرة من كتاب فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء
من رحمة الله بعباده أنه خلقهم وأوجدهم، وأنه حين أوجدهم هداهم لما أوجدهم وخلقهم له فوضح لهم وبيَّن، وذلك بأن أنزل كتبًا وأرسل رسلًا وفرض شرائع وأحكامًا ضابطة للوجود الإنساني، ثم اقتضت حكمته أن يختم هدايته بنبي الرحمة والهدى؛ النموذج الأكمل والأشرف والأطهر على وجه الأرض، حيث كان قرآنًا يمشي، علمه ربه وأدَّبه فأحسن تأديبه، واصطفاه وطهَّره وهيَّأه وهيَّأ له منذ أن كان في بطن أمه فارتضاه خاتمًا عربيًّا مشرِّفًا بكلام رب العزة، وجعل طاعته من طاعته ومحبته من محبته وكفايته على قدر اتباع سنة نبيه ومصطفاه، فأحواله وحياته وسيرته سراج يهتدي به الساري في سفر الحياة.
في هذا الكتاب لمحة يسيرة من جانب من جوانب سيرته العطرة، كيف كان حاله مع الذكر، ماذا كان يقول، متى، وكيف، يسوقها الكاتب بأسلوب يسير بسيط وبأمثلة متعددة.
مؤلف كتاب فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء
محمد الغزالي، سُمي الشيخ بهذا الاسم رغبة من والده في التيمُّن بالإمام الغزالي، ولقد عمل إمامًا وخطيبًا بعد تخرُّجه في مسجد العتبة الخضراء، ثم تدرَّج في الوظائف حتى صار مفتشًا في المساجد، ثم واعظًا في الأزهر ثم وكيلاً لقسم المساجد، ثم مديرًا للمساجد، ثم مديرًا للتدريب فمديرًا للدعوة والإرشاد.
زار الغزالي مرة ابن بازٍ لمناقشة بعض المسائل العلمية، فلما خرج سأله الصحفيون: “كيف رأيت ابن باز؟ قال: رأيت رجلاً يكلِّمني من الجنة!”.
من أبرز مؤلفاته:
في موكب الدعوة.
معركة المصحف.
فقه السيرة.