العمل بين الأسرة والحياة
العمل بين الأسرة والحياة
خلال النصف الأول من القرن العشرين ومع انتشار الحركات النقابية في الولايات المتحدة الأمريكية، كان كثير من الرجال قادرين على إعالة أسرهم وتوفير احتياجاتهم بأجورهم التي يتقاضونها، وكانت الغالبية العظمى من النساء المتزوجات والأمهات متفرغات للمنزل ورعاية الأسرة، وكانت نسبة 84% من النساء يقدسن الحياة العائلية، وكان المُعيل الذكر هو الأنموذج الشائع في ذلك الوقت، لكن بعد أن أتاحت “الثورة الناعمة” دخول النساء إلى سوق العمل خصوصًا الأمهات منهن، وأُفول عصر التصنيع والحركات النقابية بعد الحرب العالمية الثانية وزيادة الوظائف والأعمال الخِدْمية التي لا تُدرُّ دخلًا كافيًا لإعالة الأسرة، أصبح من الصعب أن يعول الرجل وحده الأسرة ماديًّا، فارتفعت نسبة عمالة النساء، ومن ثمَّ خلال أواخر القرن العشرين، صارت غالبية الأسر بسبب النزعة الاستهلاكية تفضل أن يكون للأسرة عائلَان من رجل وامرأة، وأصبح كلا الزوجين منتجَين للدخل.
رافق دخول المرأة إلى سوق العمل ارتفاع معدَّلات الإجهاد والتضارب نتيجة صعوبة التوفيق بين العمل والأسرة، بسبب قيام النساء بوظيفتين، الوظيفة الأولى هي الأعمال المنزلية ورعاية شؤون الأسرة، والوظيفة الثانية هي العمل بأجر خارج المنزل، ومن ثمَّ زاد الاهتمام بمسألة (العمل – الأسرة) من جانب الباحثين.
وبعد أن صارت المرأة جزءًا من القوة العاملة، أصبح من الصعب عليها أن تترك العمل من أجل أن تحمل وتربي الأطفال وترعى شؤون الأسرة، كما أصبح من الصعب عليها التوفيق بين العمل والحياة، وتوضح الدراسات أن المرأة تقضي ساعات أكثر من الرجل في إنهاء الأعمال المنزلية، وذلك في أي حالة اجتماعية كانت عليها المرأة، سواء أكانت عزباء وتعيش مع والديها، أم عزباء وتعيش بمفردها، أم متزوجة أم مطلقة أم أرملة، كما يعبر كثير من الآباء والأمهات أنهم يجدون صعوبة في التوفيق بين العمل والحياة الشخصية والأسرية، وتعبر النساء ممن لديهن أطفال لم يتجاوزوا سن الثامنة عشرة بأنهن غير قادرات على رعاية شؤون الأسرة بسبب العمل وبأن العمل يستهلك طاقتهن ويشعرهن بالإجهاد.
الفكرة من كتاب وقت العمل.. الصراع والضبط والتغيير
يُلقي الكتاب نظرة عامة وشاملة على وقت العمل في الماضي والحاضر، وتطور وقت العمل حتى وصل إلى وضعه الحالي، كما يُبين نضال العمال خصوصًا في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تقليل أيام العمل وساعاته، فكثير من الناس كانوا وما زالوا يعانون ويشتكون من العمل لساعات طويلة تستغرق معظم يومهم مقابل أجر زهيد لا يكفي احتياجاتهم كما أنه يتعارض مع مسؤولياتهم تجاه أسرهم، ويوضح الكتاب أيضًا أن هناك عديدًا من الخيارات التي يتخذها العمّال بإرادتهم أو رغمًا عنهم تؤثر في العَلاقة بين العمل والحياة، كالعمل بدوام جزئي أو العمل المؤقت، ويبين تأثير تلك الأعمال في الحياة الشخصية للعمّال.
مؤلف كتاب وقت العمل.. الصراع والضبط والتغيير
سينثيا ل. نيغري: أستاذة مشاركة تدرِّس علم الاجتماع في جامعة لويزيانا في الولايات المتحدة الأمريكية.
معلومات عن المترجمة:
ابتسام بن خضراء: مترجمة مغربية ذات أصل فلسطيني، حصلت على إجازة في الأدب الإنجليزي من جامعة دمشق، ونالت درجة الدكتوراه، وتخصصت في الترجمة بعد التحاقها بالجامعة الأمريكية في القاهرة، من ترجماتها:
السيرة هيرمايوني لي.
المكتبة العامة وقصص أخرى.
كوكب في حصاة.
سباق مع الرياح.