العمل، المنهج الثاني لتحقيق الثروة
العمل، المنهج الثاني لتحقيق الثروة
بعد السعي يأتي العمل، فإذا صلح السعي صلح العمل، ومن قوانين الطبيعية أن ضرب القوة في الوقت يساوي الحركة، ومن ثم فإن حاصل أي عمل يساوي مضروب الجهد المبذول في الوقت، إذا أجاد الفرد استخدامهما معًا، ويعمل الإنسان ببعض القوى، ومنها القوة البدنية التي تمكِّنه من الأعمال الصعبة، والقوة العقلية التي تكون في عصر التحضُّر ذات تأثير أكبر من القوة البدنية، والقوى الطبيعية كالكهرباء والحرارة، والقوة المالية وهي أقواها لأنها يمكنها توفير القوى الأخرى، وتقدر الفائدة التي يحصل عليها الفرد من عمله بحجم ما يقدمه من القوى التي يملكها.
يحقِّق الفرد النجاح في عمله عندما يستخدم قواه في الوقت والمكان المناسبين، أي في وقت الحاجة إليهما حتى يكون لها قيمة، إضافةً إلى الحرص على التوفيق بين ميله وبين الزمان والمكان، فإذا تعارض ميله مع مكان العمل يحاول أن يغيره ليتلاءم مع المكان أو يذهب إلى المكان الذي يتلاءم مع ميله حتى يحصل على النفع من عمله، وبالتالي يكون امتلاك القوى المطلوبة للعمل والبحث عن الأعمال التي تتطلَّب تقديم أفضل القوى، واختيار الشائع منها، والتي تتماشى مع الميول والزمان والمكان، وإتقان العمل ومناسبته لأذواق الناس واحتياجاتهم هي أسرار النجاح في العمل.
يتطلَّب تطوير العمل بعض الأركان، وأولها العزم ويعني الدراسة الجيدة للعمل ثم الإقبال عليه دون تردُّد، والركن الثاني هو الحزم وتنظيم طريقة العمل، والركن الثالث هو المزاولة؛ أي ممارسة العمل حتى التعوُّد عليه وإتقانه، والرابع هو الاجتهاد فقليله يثبِّط العمل، والخامس الثبات والاستمرار في العمل، ويليه الترتيب؛ أي وضع الشيء في مكانه وإكمال المهمة في وقتها، وركن الإتقان أي إخراج العمل في أفضل صورة، ثم تأتي الشهرة والمعرفة بإتقان العمل، واستغلال الوقت وعدم تأجيل العمل، فضياع بعضه يعني ضياع جزء من المال، ولذلك ينبغي الموازنة بينه وبين الراحة والتسلية، وكذلك تحديد يوم عطلة في الأسبوع للراحة وتجديد القوى، والركن الأخير هو ألا يستغرق العمل كل أوقات الاستيقاظ وإنما يُترك ثلثها فارغًا للراحة بعد الطعام والتواصل مع الآخرين والمتعة والقراءة.
الفكرة من كتاب مناهج الحياة: السعي، العمل، الاقتصاد.. بهذه الثلاثة تنال الثروة
من منَّا لم يحلم بالسعادة والثراء؟ وهل لتحقيق الثراء طريقة عملية يمكن أن نهتدي بها في تحقيقه أم أنه حظ سعيد للبعض؟ إن السعادة والغِنى أمنيتان يشترك فيهما ويبحث عنهما الجميع؛ إن هذا الكتاب جزء من كتاب أكبر بعنوان “أبواب السعادة”، وهي ثلاثة أبواب: الثروة والحب والصحة، وهو يتحدث عن الباب الأول للسعادة فيطرح له ثلاثة مناهج، وهي السعي والعمل والاقتصاد، باتباعها والالتزام بأركانها يحقِّق الإنسان الثروة.
مؤلف كتاب مناهج الحياة: السعي، العمل، الاقتصاد.. بهذه الثلاثة تنال الثروة
نقولا حداد: صحفي وعالم وروائي وشاعر، ولد عام ١٨٧٨م في لبنان، والتحق في المرحلة الابتدائية بمدرسة صيدا الأمريكية، ودرس تخصُّص الصيدلة في الكلية البروتستانتية السورية، ثم انصرف بعدها لتعلم النظرية النسبية، عَمِل مدرسًا وتاجرًا ومحرِّرًا ورئيس تحرير لعدد من الصحف، وقام بنشر أفكاره في صحيفتي المقتطف والهلال، وقام بتأسيس جريدتي المحبة المدرسية والحكمة المدرسية، وقيل عنه إنه من طلائع النهضة العربية، وتوفي عام ١٩٥٤م.
من أعماله: “وداعًا أيها الشرق”، و”الاشتراكية”، و”فلسفة الوجود”.