العلو في السجود
العلو في السجود
من يريد أن يستعلي دائمًا في الأرض فهو يسعى إلى فرض طريقته وقوانينه على الآخرين، كما فعل فرعون عندما قال: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾، بل إنه تخطى الحدود عندما قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾، ولهذا فإن ذِكْرَ السجود هو “سبحان ربي الأعلى”، فأنت في الأرض واضعًا جبهتك عليها تقر وتعترف أن الله هو الأعلى، ومهما كان من محاولات بشرية للعلو في الأرض، فالله عز وجل هو أعلى من كل هؤلاء، وإذا أردت أن تُمَكَّن في الأرض فلا تتبع النمط الفرعوني في العلو؛ فقد كان عاليًا شكلًا، منحطًا من ناحية الأخلاق والمبادئ، وانتهى الأمر ببنيانه إلى قاع البحر.
وفي فاتحة سورة الأعلى جاء الأمر بأن نسبح باسم الله “الأعلى”، وهذه التسبيحة مرتبطة بالخلق، فالأعلى هو الذي ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى﴾، وهو الخلق الأول عندما خلق الله آدم (عليه السلام)، ثم أمر بعد ذلك الملائكة أن تسجد له، وهنا نجد أن ﴿خَلَقَ فَسَوَّى﴾ مرتبطة بآية ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾، فتلك التسبيحة تربطنا مباشرة بـ(الذي خلق فسوى)، والذي أمر الملائكة بالسجود لنا، وكأن المسافة بين السجدتين تتلاشى.
ويتصل التسبيح باسم الرب الأعلى أيضًا بالقَدَر وعلاقتنا بالأرض التي جئنا لاستخلافها، فالله عز وجل خلق الكون وجعل فيه سننًا إلهية لا تتبدل، وقدر الله هو الذي ينظم العلاقة بين هذه القوانين والسنن، وتشير آية ﴿الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴾ إلى كل ما أوجده الله في الأرض وباطنها، أي إن الأرض وَفق الرؤية الكونية لا بدَّ من إنباتها لاستخراج ما بها من خيرات، وليس الدخول في صراعات حولها كما يحدث في العالم اليوم.
الفكرة من كتاب فيزياء المعاني.. هيئات الصلاة: نمط عمارة لبناء الإنسان
يقول رسول الله (ﷺ): “ما مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فيُحْسِنُ وُضُوءَها وخُشُوعَها ورُكُوعَها، إلَّا كانَتْ كَفَّارَةً لِما قَبْلَها مِنَ الذُّنُوبِ ما لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ”.
في هذا الكتاب؛ يعرض أحمد خيري العمري هيئات الصلاة من قيام وركوع وسجود، موضحًا المعاني الكامنة حول تلك الهيئات، وأنه لا ينبغي أن يقتصر المرء على القيام بالحركات والأوضاع دون فهم المعاني المرتبطة بتلك الحركات والمغزى من ورائها.
مؤلف كتاب فيزياء المعاني.. هيئات الصلاة: نمط عمارة لبناء الإنسان
أحمد خيري العمري: كاتب وطبيب أسنان عراقي، اشتهر بكتاباته في مجال النهضة الإسلامية، وتم تصنيفه -وفقًا لأحد مراكز الدراسات السويسرية- ضمن قائمة تحوي 100 من المؤثرين في صناعة الرأي عربيًّا، وذلك في عام 2017.
له من الإنتاج الثقافي الكثير منذ بدأ الكتابة والنشر، يتراوح بين ثلاثة عشر كتابًا وثلاث روايات وثلاثة برامج متلفزة، حيث احتلَّت الكتب النصيب الأكبر والانتشار الأوسع، ومنها:
البوصلة القرآنية.
عالم جديد ممكن.
الذين لم يولدوا بعد.
المهمة غير المستحيلة.
لا نأسف على الإزعاج.