العلم وتسخير الثروات
العلم وتسخير الثروات
مما لا شك فيه أن الأثرياء لهم حق التصرُّف في أموالهم كيفما شاؤوا، ومن البديهي أنهم ينفقون أموالهم فيما تنفقه بقيَّة الطبقات، كالحاجات المعيشية الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن وصحة وتعليم، لكن كلٌّ على قدرِ طاقته، ويدَّخرون أيضًا ما يُمكن ادِّخاره لوقتِ ضيق أو استثمار مُؤجل، لكنَّ هناك وجه إنفاقٍ آخر يتميَّزون به عن غيرهم، وهو امتلاك الأراضي والعقارات والمصانع، والواقع المرير أن كثيرًا من مُلَّاك هذه الاستثمارات في الأراضي المصرية يُديرونها إدارة سيِّئة بسبب الجهل بأسس الإدارة السليمة، والغفلة عن المسؤولية التي يشتمل عليها حقُّ الامتلاك، مما ينتج عنه الوقوع في الديون، وممارسة الربا، وإهمال حق الرعيَّة الذين يقومون على أعماله من عُمال ومُوظَّفين.
لكن إذا تدخَّل العلم، وطبَّق مُلاك الأراضي مثلًا الوسائل العلمية الحديثة في زراعة أراضيهم، لأنتجت محاصيل وفيرة تعود بالنفع عليهم وعلى الدولة، كما حدث في إنجلترا عام 1942 رغم أنها بلد غير زراعية، وزاد إنتاج المحاصيل في ظرف سنتين بنحو 65%، والشكل الآخر والأهم لتطبيق العلم في مجال الزراعة، هو الاهتمام بصحة الفلاح والمُزارع، ونظافته وتعليمه، فالإحصائيات تشير إلى نسب مؤسفة لتفشِّي الأمراض بين المُزارعين تصل إلى 80% منهم.
إن العلم حتمًا هو أساس التقدُّم في كل ميادين الزراعة والصناعة والتجارة، فهو الذي يضمن الإدارة السليمة، ويدفع المُستثمرين والمُلَّاك إلى الشعور بالمسؤولية، وتقديم المصلحة العامة على المنفعة الشخصية، وبذلك تستقيم أمور البلاد.
الفكرة من كتاب العلم والحياة
في هذا الكتاب، جمع الدكتور علي مشرفة عدَّة رسائل له خطَّ فيها ملامح العلاقة الوثيقة بين العِلم وجوانب الحياة المُختلفة، ودوره الرئيس المهم في تطوير هذه الجوانب والنهوض بها، بدلًا من اتباع الحلول الوهمية التي لا تصلح للتطبيق على أرض الواقع.
مؤلف كتاب العلم والحياة
الدكتور علي مصطفى مشرفة: عالم فيزياء نظرية مصري، حصل على دكتوراه فلسفة العلوم من جامعة لندن عام 1923، ثم كان أوَّل مصري يحصل على درجة دكتوراه العلوم بإنجلترا من جامعة لندن سنة 1924، لُقِّب بأينشتاين العرب لأن مجال بحثه ودراسته كان مُشابهًا لموضوعات أبحاث ألبرت أينشتاين، وعُيِّن أستاذًا بكلية العلوم جامعة القاهرة، ثمَّ انتخب عميدًا لها سنة 1936، تتلمذ على يده مجموعة من أشهر علماء مصر منهم: سميرة موسى، وله مؤلفات عديدة قصد فيها إبراز أهمية العلم تُخاطب المُواطن البسيط: مثل كتاب “نحن والعلم”، وكتاب “العلم والحياة”، وله مؤلفات أخرى في مجالات الفيزياء والرياضيات مثل: كتاب “النظرية النسبية الخاصة”، وكتاب “الهندسة وحساب المثلثات”.