العلم والتعصب
العلم والتعصب
من الأشياء التي يقع فيها طالب العلم هي التعصب، وفي الغالب الطالب الذي يأخذ علمه من شيخ معين أو كتاب معين يصبح له انحياز تام لأقواله وآرائه ويهاجم كل من يخالفه، فالتعصب مرض يُصيب الجاهل في الغالب بعلمه، فلن تجد عالمًا إلا ونهى عن التعصب ونفر منه، لذا فالإنسان الذي يُصاحب فكره وتميزه مع علمه تجده غير متعصب بل عليه فقط أن يعرف قدر شيخه، ويجب أيضًا على طالب العلم ألا يحصر نفسه مع شيخ واحد، فتجده لا يرى العالم والعلم إلا من رؤية واحدة دون مرونة، لذا كان المتفوق من الطلبة هو من يتلقى من شيوخ متعددين، ويأخذ أحسن ما عندهم فيتميز.
وثمة نوعان من طلاب العلم المتعصبين، فهناك من يتعصب للأحياء لا الأموات ويبجلهم وينحاز إلى أفكارهم دون غيرها، ويهاجم الحي والميت من العلماء المخالفين لشيخه، وهناك من يتعصب للأموات لا الأحياء، فهذا نقول له ما عليك إلا التقليد للأئمة لا التعصب لهم، وإذا كان ولا بدَّ من التعصب فتعصب للميت عن الحي، لأن العالم الميت جليل، وقد أجمعت الأمة على علمهِ مثل الأئمة الأربعة، لكن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، لكن الإقرار أنه لا يجوز التعصب لا لميت ولا لحي بل يحرص طالب العلم على اتباع العلماء والسُنة والكتاب والعمل بهما.
ويرى الكاتب أنه كان من المُفضل أن يدرس طالب العلم الفقه المُقارن حتى يتربى على أقوال عديدة، فعندما يدخل في مسألة يجد أقاويل مختلفة للشافعي وابن حنبل والمالكي وأبي حنيفة وغيرهم، ثم يجتهد حتى يجد الراجح من القول في المسألة في نظره للأقاويل وليس قولًا واحدًا، وهذا ينزع من قلبه التعصب لشخص معين، فيجب التفرقة بين تعظيم قدر العلماء والدعاء لهم وبين التقليد الأعمى والتعصب، وكان السلف يوصون بالاطلاع على أقوال العلماء، وكان منهم من يقول: “من لم يعرف اختلاف الفقهاء فليس بفقيه”.
الفكرة من كتاب مع العلم
يقول عمر بن الخطَّاب (رضي الله عنه): “تعلَّموا العلم، وعلِّموه النَّاس، وتعلَّموا له الوَقَار والسَّكينة، وتواضعوا لمن يعلِّمكم عند العلم، وتواضعوا لمن تعلِّموه العلم، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم”.
لقد كان العلم عند السلف ليس معرفة شرعية مجردة فقط بل كان معرفة عقلية وتحليلية بفكر شامل، فتفقهوا في علم الدين وجوانبه وانغمسوا في العلوم الحياتية كذلك، وحاليًّا في ظل الصحوة العلمية المعرفية وانتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الإلكترونية المتنوعة التي يسرت على الجميع أخذ علوم كثيرة ومتعددة، لم يعد هناك مشقة في طلب العلم، فلا تنتقل من بلد إلى آخر حتى تتعلم حرفًا بل يُسر الأمر، حتى إن الطالب يتعلم علم طالب آخر في قارة أخرى، ويُسر التعليم في حياتنا حتى أصبح حُجة علينا ليُسر الوصول إليه.
ومن خلال هذا الكتاب يطالعنا الدكتور سلمان العُودة على أهمية تعلُّم العلم وطرقه، وأبرز الآفات التي تعترض طالب العلم وكيفية علاجها، وكيف نطبق ما تعلمناه على أرض الواقع.
مؤلف كتاب مع العلم
د. سلمان بن فهد العودة: كاتب ومُفكر سعودي وداعية إسلامي وأستاذ جامعي ومُقدم برامج تليفزيونية وهو من مشايخ الصحوة، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في السُّنة.
وله مؤلفات عديدة منها: “بناتي”، و”أنا وأخواتها”، و”مجالس رمضانية”، و”مع الأئمة”، و”مع المصطفى”، و”مع الله”، و”زنزانة”، و”مع الصيام”، و”لو كنت طيرًا”، و”الصحوة في نظر الغربيين”.