العلم المقدس ضد العلم الدنيوي
العلم المقدس ضد العلم الدنيوي
يفرِّق غينون بين العلم المقدس وبين العلم الدنيوي؛ فالعلم الدنيوي هو العلم الحديث الذي اقتصر على الحس والتجربة، وأحدث قطيعة مع مصادر المعرفة الأخرى كالحدس، أما العلم المقدس فهو العلم التقليدي الذي لا يقتصر على مصدر واحد للمعرفة ويأخذ في اعتباره مصادر المعرفة الأخرى.
فالعلم في التصور التقليدي هو امتداد أو فرع ثانوي للعقيدة، أي أن العلم ليس له قيمة في ذاته، وإنما قيمته تابعة للعقيدة التي يستمد منها مبادئه، ولذلك فهو علم مقدس، بينما العلم الحديث الذي أحدث قطيعة مع العقيدة والحدس لا يمكن إلا أن يكون علمًا دنيويًّا، وهذا العلم لا يعكس معرفة حقيقية، وإنما ينحصر في تطبيقات عملية فقط؛ بسبب تركيزه على النزعة التجريبية وعدم انطلاقه من أية مبادئ عامة.
ولذلك يعتقد غينون أن العلم الدنيوي ما هو إلا “معرفة جاهلة”؛ معرفة تجهل كل ما يتجاوزها وتجهل كل غاية أسمى منها لأنها تقتصر على الحس فقط، وبالتالي تنغلق في مجال محدود لا تتجاوزه وتحرم نفسها من التواصل مع الحقائق المتعالية على الحس، وكذلك يرى أن العلم الدنيوي الذي يفتخر به الغرب لا يمثل سوى انحراف عن العلم الحقيقي (العلم المقدس).
الفكرة من كتاب أزمة العالم الحديث
يناقش غينون الأزمة التي يمر بها العالم الحديث، ويشير إلى أن سبب هذه الأزمة يتلخَّص في الانقطاع عن التراث والجوانب الروحية، ففي هذا الكتاب، يركِّز غينون على التدهور الذي أنتجه العقل الغربي الحديث في مجالات العلوم والفلسفة والاجتماع والسياسة، ويعرض نماذج من هذا التدهور الذي يظهر في: العلم الدنيوي، والفردانية، والفوضى الاجتماعية، وغيرها، كما يشير الكاتب أيضًا إلى وجهة نظره في كيفية الخروج من هذه الأزمة.
مؤلف كتاب أزمة العالم الحديث
رينيه غينون: كاتب ومفكر فرنسي وُلد في نوفمبر عام 1886، تأثَّر بالعقائد الشرقية وعلى رأسها الصوفية، اعتنق الإسلام عام 1912 وسمى نفسه “عبد الواحد يحيى”، ذهب إلى الجزائر عام 1917 حيث درَّس الفلسفة في إحدى الجامعات هناك، ثم سافر إلى مصر عام 1930 حيث استقر فيها وحصل على جنسيتها وتوفي فيها عام 1951.
من أشهر مؤلفاته: “الشرق والغرب”، و”هيمنة الكم وعلامات آخر الزمان”.
معلومات عن المترجمين:
عدنان نجيب الدين: باحث أكاديمي ومترجم وأستاذ الفلسفة المعاصرة في الجامعة اللبنانية، ولد عام 1951 في بيروت، عمل في مجال التعليم وحاضر في الفلسفة والترجمة.
والشيخ جمال عمَّار