العلاقات الكوزموبوليتية العابرة للقومية
العلاقات الكوزموبوليتية العابرة للقومية
تُوصف “العلاقات الكوزموبوليتية” بأنها العلاقات التي تذوب أمامها كل الفوارق الجغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعرقية، وحتى الأخلاقية والدينية، ونلاحظ أن هذا الذوبان للفروق في تسارع مستمر، فمنذ الستينيات أخذت الأسرة التقليدية في الاندثار في الغرب بسبب الحركة النِّسْوِيَّة، وأصبحت العلاقات العاطفية والجنسية خارج إطار الزواج أمرًا شائعًا ومنتشرًا تحت شعار “عِش حياتك دون النظر إلى العادات والتقاليد”، بينما على مر القرون السالفة كان النمط السائد هو تبلور العلاقة العاطفية بين أي شخصين لتصبح علاقة زواج، بناءً على رغبة ذاتية وانجذاب جنسي بين الطرفين، تهدف إلى الإنجاب وتكوين أسرة، أما الآن فقد اندثرت هذه المقومات، ومن ثمَّ لو لم يُلَبِّ الحب تطلعات الشريكين نحو السعادة، يكون محاولة فاشلة تنتهي بالطلاق، وهكذا أصبح الطلاق بالتدريج شيئًا اعتياديًّا، ومن ثمَّ شاعت فوضى الطلاق حتى أصبح ما يُطلق عليه أسرة في الغرب يحتاج إلى ميكروسكوب لإدراكه!
يُتصور للوهلة الأولى أن الحب والجنس والزواج لغات عالمية لا تحتاج إلى ترجمة، وذلك لتشابهها في كل مكان في العالم، لكن الواقع يقول عكس ذلك، فالمعاني التي تحملها هذه الكلمات الثلاثة تختلف باختلاف المكان والدين والثقافة، فمثلًا إذا قال شخص من ثقافة ما لفتاة من ثقافة أخرى “أُحبك”، فستفهم المعنى على وجه التقريب، ووفقًا لمعنى الحب لديها هي، وليس المعنى الذي يريده هو، وتطبيقًا على ذلك، إذا طلب رجل أمريكي الزواج من امراة بولندية، فإن هذه المرأة تمتلك إجابتين: الأولى “لا”، وذلك بناءً على ثقافتها البولندية التي ترى في الزواج رباطًا أبديًّا لا مخرج منه إلا الموت، والثانية “نعم”، إذا أخذت بالثقافة الأمريكية التي ترى أن العلاقة الزوجية يمكن أن تنتهي في أي وقت، ومن ثمَّ تصبح متناقضات العالم حاضرة في نفس الشخص الواحد، وهو صراع لا مفر منه بين عالمين وصورتين مختلفتين.
الفكرة من كتاب الحب عن بُعد.. أنماط حياتية في عصر العولمة
يتناول المؤلفان العلاقات العاطفية التي تمتد عبر البلاد والقارات وتفصل بينها المسافة الجغرافية، العلاقات المبنية على التوافق وعدم التوافق، واختلاف اللغة والنظم السياسية والقانونية، مُستعرضين الحب عن بُعد أو الحب النائي، ومتطرقين إلى فوضى الحب حول العالم مبينين جميع صور الحب والعلاقات النائية التي خلقتها التكنولوجيا، ويوضحان أن العلاقات التقليدية والأسر الكلاسيكية التي سيطرت على العالم خلال القرون الماضية أصبحت على شفا الأُفول، لتحل محلها العلاقات والأسر المعولمة التي صار فيها الحبيب هو البعيد الداني، وليس القريب الحاضر.
مؤلف كتاب الحب عن بُعد.. أنماط حياتية في عصر العولمة
أولريش بك : عالم اجتماع ألماني، ومُدير معهد العلوم الاجتماعية في جامعة ميونخ الألمانية، ويُدرِّس في الوقت نفسه في جامعة “London school of Economics”، كما أنه عضو في لجنة حكومية تهتم بشؤون المستقبل بمقاطعة بافاريا الألمانية، من مؤلفاته التي تُرجمت:
ما هي العولمة؟
هذا العالم الجديد.. رؤية مجتمع المواطنة العالمية.
وإليزابيث بك : عالمة اجتماع ألمانية، درست علم الاجتماع وعلم النفس في جامعة ميونخ بألمانيا، حاصلة على درجة الأستاذية من جامعة (إرلانجن – نورمبرج)، وهي أرملة عالم الاجتماع “أولريش بك”، من مؤلفاتها:
Individualization: institutionalized individualism and its social and political consequences.
Reinventing the family: in search of new lifestyles.
معلومات عن المترجم:
حسام الدين بدر: كاتب ومترجم مصري، من ترجماته:
الزمن المختوم.. حالة الركود في العالم الإسلامي.
أحلام الخليفة.. الأحلام وتعبيرها في الثقافة الإسلامية.