العلاج المضاد

العلاج المضاد
هناك خطط علاج سريعة يقوم بها الإنسان بمُجرد بَدء النفس في الحديث بالعُجب، وهذه الخطَّة أن ينقد النفس أمام الآخرين، كما يُسرع في القيام بأفعال تقلِّل من شأنها، ويطلب النصيحة والنقد من الآخرين، فالاستماع إلى النصيحة والنقد له دور كبير في عودة النفس إلى ما كانت عليه، وإزالة شموخها وانتفاخها.

ومن صور الخطة العلاجية أن يتخذ كل شخص لنفسه صديقًا يتعاهد معه على دوام نصحه، ومن هنا يدرك قوله (صلى الله عليه وسلم): “المؤمن مرآة المؤمن”، كما أن عليه المحاولة جاهدًا أن يتوقف عن العمل الذي يتسبَّب في إعجابه بنفسه، وعليه بتجهيز أجوبه تدفع عنه خطورة المدح وإعجاب النفس، كقوله (صلى الله عليه وسلم) للذي أصابته رعدة عند رؤيته: “هون عليك، فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد”.
وهذه الخطَّة هي وسائل سريعة، أما حقيقة العلاج فهي في الصبر والعمل الدؤوب على النفس، فالوسائل المُعينة على تربية النفس على المدى الطويل هي الخوف من الله، والذي يعد بمثابة السياط التي تقع على القلب فتوقظه من رقدته، إنه أفضل وسيلة تؤهل القلب لحسن استقبال التوجيهات وتنفيذها، كما قال تعالى: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾، ومن تلك الوسائل مُعايشة القرآن، فهو دواء رباني شافٍ لكل أمراض القلوب، ووسيلة أكيدة لتزكية النفوس.
ومن الوسائل كذلك قيام الليل فهو دواء يومي ولا بدَّ من معايشة القرآن في القيام، وتدبره والتجاوب معه، وترديد كل آية تؤثر في القلب، وفي السجود تكون المناجاة من ثناء على الله، واستغفاره، فتشكو إليه نفسك، وعدم قدرتك على التعامل معها، تشهده بأنك لا غنى لك عنه، وتلح عليه ألا يتركك لنفسك ولو طرفة عين، ومن الوسائل أيضًا الإنفاق في سبيل الله، والقراءة في سير الصالحين.
الفكرة من كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
إن التربية الإيمانية لها أثر فعَّال في دفع المرء للقيام بأعمال البر، فكلما ازداد الإيمان في القلب كانت آثاره العظيمة في السلوك، ومع الأهمية القصوى لإيقاد شعلة الإيمان في القلب والعمل الدائم على زيادته، يبقى أمر آخر على نفس الدرجة من الأهمية، وهو المحافظة على أعمالك الصالحة التي تقوم بأدائها من كل ما يفسدها ويبعدها عن مظنَّة الإخلاص لله (عز وجل)، ومن أهم الأمور التي يمكنها أن تفعل ذلك إعجابك بنفسك، ورضاك عنها ورؤيتها بعين التعظيم.
فهذا الداء الخطير الذي يتسلَّل بخبث إلى النفوس من شأنه أن يحبط العمل ويفسده، بل تصل خطورته إلى حد الوقوع في دائرة الشرك الخفي بالله (عز وجل)، معنى ذلك أنك تتعب وتبذل الكثير من أجل قيامك بعمل ما، ثم يأتي داء العُجب فيقضي على عملك ويحبطه، ومن هنا ينطلق بنا الكاتب لتعريف هذا الداء الخطير ومُسبِّباته وأهمية التخلُّص منه فورًا والوسائل المُعينة على ذلك.
مؤلف كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من مؤلفاته: “التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم” و”فلنبدأ بأنفسنا”، و”الإيمان أولًا فكيف نبدأ به” و”تحقيق الوصال بين القلب والقرآن”.