العقل والوعي
العقل والوعي
يتمثل العقل بصورة مبسطة في مجموعة من القوى الإدراكية المختلفة بالإضافة إلى المشاعر والانفعالات، أما الوعي فيمكن وصفه أنه حالة الإدراك التي تُمكِّن الفرد من الاتصال بالوسط المحيط، فهو إذن إحدى القوى الإدراكية العقلية، وبين الوعي والعقل ثمة تداخل، فالتأثير في العقل ينعكس على عملية الوعي، فتعاطي المواد المخدرة وكذا الصدمات النفسية قد تسبِّب تغييبًا مؤقتًا للعقل ومن ثمَّ يختل الوعي البشري، مما قد يدفعه إلى انتهاج سلوكيات متهورة على شكل نحو مفرط، مما قد يشير إلى خلل كيميائي بالدماغ ينتج عنه عملية انفصام عن الواقع تختلف درجته تبعًا لحدة الموقف.
كما قد تختلف المدلولات العقلية من مجال إلى آخر، ولكن يمكن القول إن الوعي إذا صادف الواقع كان وعيًا حقيقيًّا وإلا كان زائفًا، وقد يحدث تطابق جزئي وذلك عندما ترتكز عملية الإدراك على بعض جوانب الواقع دون بعضها الآخر، وهو بذلك إما أن يسهم في تغيير الواقع (الوعي الصحيح)، وإما أن يسهم في تكريسه (الوعي الزائف)، ولا بدَّ من الانتباه إلى أن معالجة الفلاسفة الأوائل لماهية الوعي البشري إنما هي انعكاس لحدود المعرفة التاريخية في ذلك الوقت، ولذا يمكننا الاستفادة منها شريطة ألا نجعلها قانونًا نحاكم إليه تطورات العصر الراهن فضلًا عن تغيرات المستقبل.
وتعتبر القشرة الدماغية هي الجزء المسؤول عن عمليات الإدراك، وتثبت التجارب ثمة نشاط فعال لتلك المنطقة من المخ عند المراهقين، كنتيجة لتكثيف السلوك الاجتماعي فضلًا عن الاندفاع والميول نحو المخاطرة والسعي للحصول على الاهتمام، وحالات الملل التي قد تصيب بعض المراهقين، ما يدفعهم إلى التمرد على الروتين اليومي بحثًا عن بعض الإثارة كنوع من المحفزات النفسية، مما يمثل شعورًا -ولو لحظيًّا- بالنشوة والسعادة.
الفكرة من كتاب تغيُّر العقل: كيف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا؟
“إن الأجهزة والتقنيات الرقمية، كشأن الأطعمة، بعضها أشد ضررًا أو أكثر نفعًا من البعض الآخر، وعلى ذلك إذا أردنا أن نتجنَّب أضرارها ونجني فوائدها، فعلينا أن نفهم أولًا كيف تؤثِّر هذه الأجهزة في أدمغتنا”.
يعدُّ هذا الكتاب خطوةً على طريق استشراف المستقبل الرقمي وآثاره في البشر، فهو يرصد وقائع هذا الزمن غير المسبوق، ويلقي بالظلال على ميكانيزم عمل الدماغ البشرية، ومن ثم يوضح أثر وسائل التواصل الاجتماعي في الوجدان البشري، وكذلك يحلل الأثر الناتج عن الألعاب الإلكترونية على الدماغ البشري.
مؤلف كتاب تغيُّر العقل: كيف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا؟
سوزان أديل غرينفيلد (Susan Adele Greenfield): عالمة وكاتبة ومذيعة بريطانية وعضو مجلس اللوردات، وُلدت في لندن عام 1950 وهي تعمل وتعيش في أكسفورد، تخرجت في قسم علم النفس عام 1973، وحصلت على درجة الماجستير عام 1974 في الآداب من جامعة أكسفورد، ثم درجة الدكتوراه من نفس الجامعة عام 1977.
كما حصلت على 23 درجة شرفية والعديد من الزمالات البحثية من الجامعات البريطانية والدولية المختلفة، تعمل حاليًّا زميلًا بحثيًّا أول في كلية لينكولن بجامعة أكسفورد، وترأس فريقًا متعدد التخصصات لدراسة آليات الدماغ المتعلقة ببعض الأمراض مثل داء الزهايمر وداء باركنسون.
لها العديد من الكتب والمؤلفات منها: “الحياة الخاصة للدماغ”، و”العقل البشري”، و”يوم في حياة الدماغ”.