العقل والمستقبل
العقل والمستقبل
يُشكِّل كلٌّ من العقل والكون الجبهة الأكثر غموضًا وإثارةً في العلم، فهما أعظم أسرار الطبيعة الكونية، وما زالا يثيران دهشتنا يومًا بعد يوم، فأحدهما يمثل الفضاء الخارجي وما يحوي من النجوم المتفجِّرة والثقوب السوداء والآخر يمثل الفضاء الداخلي وما يحوي من الرغبات والمشاعر والخيال، وبما أن الإنسان لم يمتلك في الماضي الأدوات التي تمكِّنه من ارتيادهما والكشف عن أسرارهما، فقد تم تغليف كليهما بالخرافات والسحر منذ الأزل.
وبالنسبة إلى العقل فلقد ظل سرًّا مغلقًا آلاف السنين، فهو وإن كان يزن قرابة ثلاثة أرطال فقط فإنه يعد أعقد جسم في النظام الشمسي بأكمله، فهو يملك قرابة مائة مليار خلية عصبية بداخله، ولذلك فحجم الإثارة والأمل من تلك التطوُّرات المكتشفة في “علم العقل” هائل لدرجة أنه سيعطينا فهمًا غير مسبوق للدماغ وسيفتح مجالاتٍ جديدة في علم الأعصاب، مما يرشِّحه بقوة كحقل تنافس جديد عبر الأطلسي بين القوى العالمية العظمى، بعدما دشنَّت كلٌّ من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي مشروعين مستقلين، وهما المشروع الأمريكي “تقنيات عصبية مبتكرة ومتطوِّرة” والمشروع الأوروبي “العقل البشري”.
بهدف فكِّ الشفرة العصبية للدماغ ومن ثم إعادة هندسة العقل البشري من جديد وإمكانية زرع ذكريات ومهارات جديدة وربما يمكننا مستقبلًا من تحميل الدماغ على الحاسوب، بل قد نذهب أبعد من ذلك مستقبلًا، إذ قد نتمكَّن من إرسال عقولنا البشرية لاستكشاف الفضاء عبر تفريغ نسخة منها مسبقًا على أشعة ليزرية جاهزة للإطلاق، ونظرًا إلى التقدم الهائل في تكنولوجيا الحاسوب، أصبح بإمكاننا اليوم وصل الدماغ بالآلة عبر اعتراض الإشارات الكهربية في المخ وتحويلها إلى لغة رقمية، ومع كل تلك الآمال والطموحات التي تخطَّت حاجز المعقول، يصبح الزمن هو المحدِّد الأساسي للتفرقة بين الآمال التي كانت من وحي الخيال المتطرِّف وبين تلك التي كانت منفذًا راسخًا للبحث العملي في المستقبل.
الفكرة من كتاب مستقبل العقل: الاجتهاد العلمي لفهم العقل وتطويره وتقويته
ظل العقل البشري كهفًا من الأسرار المغلقة لقرون عديدة، لا يجوز الاقتراب من أسواره أو المساس بعتباته المقدسة، إلى أن انقلب الأمر وبات العالم على موعد مع كتلة متحركة لا تعرف التوقف بحثًا عن فك مزيد من طلاسم وغموض ذلك الصندوق السحري المعروف بـ”الدماغ”.
فإذا كنت تتوق إلى فك طلاسم هذا العالم المجهول، فقد تجد ضالَّتك في هذا الكتاب، والذي يكشف نقاطًا ظلت مبهمةً لسنوات، فهو يستشرف المستقبل ويقتحم سرداب الدماغ البشري لاستكشاف أسراره، ويتساءل في غموض حول إمكانية أن يتحكَّم العقل في الواقع الخارجي، كما يلقي الضوء على ثورة الذكاء الاصطناعي، ومحاولات البشر لصنع عقل اصطناعي يحاكي العقل البشري.
مؤلف كتاب مستقبل العقل: الاجتهاد العلمي لفهم العقل وتطويره وتقويته
الدكتور ميشيو كاكو (Michio Kaku): هو عالم أمريكي من أصل ياباني مختص بمجال الفيزياء النظرية ومجال الدراسات المستقبلية، ولد في سان جوزيه بولاية كاليفورنيا الأمريكية في 24 يناير عام 1947، من والدين يابانيين مهاجرين إلى الولايات المتحدة، حصل على درجة الدكتوراه في عام 1972، ويعمل أستاذًا للفيزياء النظرية بجامعة سيتي الأمريكية، كما أنه بروفيسور زائر في كل من جامعة برنستون وجامعة نيويورك.
له العديد من المؤلفات منها: “رؤى مستقبلية؛ كيف سيغير العلم مستقبلنا في القرن الواحد والعشرين”، و”الفضاء الفائق”، و”فيزياء المستقبل”.