العقل والمادة
العقل والمادة
في أواخر شهر أغسطس من عام 2020 أسدلت شركة نيورالينك التابعة للملياردير إيلون ماسك الستار عن رقاقة إلكترونية اشتهرت فيما بعد بشريحة إيلون ماسك، وقد تم تصميم تلك الشريحة لكي تتم زراعتها داخل أدمغة البشر للمساعدة في زيادة كفاءة بعض العمليات المتعلقة بالذاكرة والذكاء، كما تطمح الشركة مستقبلًا إلى ربطها بالأجهزة الخارجية عن طريق تقنيات اتصال كالبلوتوث ومن ثم يمكن للبشر التحكم الذهني في الواقع المحيط، كما يمكن ربطها بشبكة الإنترنت وبالتالي تحميل العديد من الوسائط الرقمية.
ورغم الطموحات الثورية لشركة نيورالينك، فإنها بلا شك اعتمدت على الأبحاث السابقة في هذا المجال، ففي عام 2012 طوَّر العلماء شريحة خارجية موصولة بالمخ، استطاعت مريضة بالشلل من خلالها وعبر الحاسوب تحريك ذراع ميكانيكية، هذا التزاوج بين العقل البشري والآلة لا شك أنه سيفتح الكثير من التابوهات العلمية المغلقة، وربما يكون قبلة الحياة لملايين المرضى حول العالم، ويأمل العلماء كذلك في خلق ما يسمى بالشبكة الدماغية العالمية حيث يستطيع سكان الكوكب التواصل فيما بينهم عن طريق التخاطر الذهني وخلق نوع من الوعي الجمعي المشترك عن طريق الحاسوب كوسيط حيث يستقبل المعلومات من عقل شخص ما ويعيد إرسالها إلى عقل شخص آخر.
سَيُشكِّل هذا التطور الرهيب -لو حدث بالفعل- نقلة نوعية في تاريخ الحضارة البشرية بأكملها، ناقلًا إيانا من حقبة إلى أخرى مختلفة تمامًا بشكل لا رجعة فيه، فبدلًا من تبادل الوسائط الرقمية اليوم ربما مستقبلًا نملك القدرة على تبادل الأفكار الأحاسيس والمشاعر والذكريات وإعادة مشاهدة الأحلام في أثناء النوم، كما يتوقع أن يكون لهذا التطور العديد من التبعات العملية والعميقة خاصةً الاقتصادية والاجتماعية منها، لكن على الناحية الأخرى تطرح مثل تلك التقنيات العديد من القضايا والمخاوف التي تتعلَّق بالخصوصية والاعتبارات الأمنية، وما عوامل الأمان التي تمنع أحدهم من اختراق عقل شخص آخر والسيطرة عليه؟ ربما إجابتنا ستحدِّد بشكل كبير درجة تعاطينا مع هذا الواقع التكنولوجي الجديد.
الفكرة من كتاب مستقبل العقل: الاجتهاد العلمي لفهم العقل وتطويره وتقويته
ظل العقل البشري كهفًا من الأسرار المغلقة لقرون عديدة، لا يجوز الاقتراب من أسواره أو المساس بعتباته المقدسة، إلى أن انقلب الأمر وبات العالم على موعد مع كتلة متحركة لا تعرف التوقف بحثًا عن فك مزيد من طلاسم وغموض ذلك الصندوق السحري المعروف بـ”الدماغ”.
فإذا كنت تتوق إلى فك طلاسم هذا العالم المجهول، فقد تجد ضالَّتك في هذا الكتاب، والذي يكشف نقاطًا ظلت مبهمةً لسنوات، فهو يستشرف المستقبل ويقتحم سرداب الدماغ البشري لاستكشاف أسراره، ويتساءل في غموض حول إمكانية أن يتحكَّم العقل في الواقع الخارجي، كما يلقي الضوء على ثورة الذكاء الاصطناعي، ومحاولات البشر لصنع عقل اصطناعي يحاكي العقل البشري.
مؤلف كتاب مستقبل العقل: الاجتهاد العلمي لفهم العقل وتطويره وتقويته
الدكتور ميشيو كاكو (Michio Kaku): هو عالم أمريكي من أصل ياباني مختص بمجال الفيزياء النظرية ومجال الدراسات المستقبلية، ولد في سان جوزيه بولاية كاليفورنيا الأمريكية في 24 يناير عام 1947، من والدين يابانيين مهاجرين إلى الولايات المتحدة، حصل على درجة الدكتوراه في عام 1972، ويعمل أستاذًا للفيزياء النظرية بجامعة سيتي الأمريكية، كما أنه بروفيسور زائر في كل من جامعة برنستون وجامعة نيويورك.
له العديد من المؤلفات منها: “رؤى مستقبلية؛ كيف سيغير العلم مستقبلنا في القرن الواحد والعشرين”، و”الفضاء الفائق”، و”فيزياء المستقبل”.