العقل البشري والعقل الإلكتروني
العقل البشري والعقل الإلكتروني
لطالما كان خيال البشر سابقًا لواقعهم على مر العصور التاريخية خصوصًا إذا ما امتزج الخيال بأمنيات شخصية، ولا عجب في ذلك، فعالم الخيال البشري ليس فيه حقائق صلبة تقاوم الرغبات، ومن هنا كان كل شيء فيه ممكنًا، فالإنسان دائمًا ما كان يجنح ناحية الأساطير والخرافات التي تتحدث عن قوى عجيبة تُعفي الإنسان من الجهد والمهام الشاقة، من ذلك بعض الموروث الشعبي عن قصص “علاء الدين والمصباح السحري” و”خاتم سليمان” ونحو ذلك من القصص، ومع التطوُّر العلمي بدأ الخيال يتصوَّر وجود آلة مثل الإنسان يُضفي عليها البشر قدرات كبيرة وتصير كالعبد المطاع لهم لتُعفيهم عن الكثير من المهام اليومية، إلا أن ما كان خيالًا قبل ذلك أصبح بعد الحرب العالمية الثانية في طريقه ليصبح حقيقة واقعة.
حيث كانت البداية مع دراسة العمليات الوظيفية للجهاز العصبي في توجيه الجسم البشري، ومحاولة استنساخها في الآلات لصنع جهاز متكامل يعدل أفعاله ويعيد توجيهها وفقًا للمواقف المختلفة، مما أتاح للمرة الأولى استخدام الآلات كبديل عن القدرات العقلية والذهنية، وهكذا ظهرت العقول الإلكترونية التي كانت سبقًا فريدًا في العلم والتقنية، وأصبحت بذلك توفر على العقل البشري القيام بعمليات تتطلَّب الكثير من العناء والوقت، بل في مرحلة تالية من التطوُّر تمكَّنت من القيام بأعمال يستحيل على الإنسان القيام بها.
ومع هذا التطوُّر الرهيب في تكنولوجيا الروبوت وتعلُّم الآلة تم طرح العديد من التساؤلات عن مستقبل تلك الآلات الذكية، ومدى القدرة مستقبًلا للسيطرة عليها، وما دامت تلك العقول أصبحت الآن تتفوَّق على نظيرتها البشرية فهل سيأتي اليوم الذي يُسحق فيه الإنسان تحت أقدام تلك الآلات الجبارة؟ خصوصًا أن التقدم العلمي على مر التاريخ كان في بداية أمره عظيم الفائدة ثم ما لبث أن ظهر له العديد من الآثار الجانبية والأضرار التي لم تكن تخطر على بال!
الفكرة من كتاب خطاب إلى العقل العربي
في ظل أزمة ثقافية يعيشها الوطن العربي، أصبح المثقف العربي خلالها غريبًا في وطنه ويجد صعوبة في التواصل مع الوسط المحيط، فضلًا عن وسائل التواصل التي انتشرت حاليًّا وتعمل بصورة أو بأخرى على تشكيل القالب الثقافي المجتمعي.. في هذا الكتاب يحاول المؤلف الاقتراب من الأزمة الثقافية العربية، ومشكلة التوافق بين الأصالة والمعاصرة، والصدام مع السلطة والتقاليد، وبحث العلاقة بين الذكاء الاصطناعي المتمثِّل في العقل الإلكتروني وبين العقل البشري.
مؤلف كتاب خطاب إلى العقل العربي
فؤاد زكريا: أكاديميٌّ مِصريٌّ وعَلَمٌ من أعلام الفِكر العربي المُعاصِر، وُلِد في مدينة بورسعيد في ديسمبر عامَ ١٩٢٧م، وتخرَّجَ في قسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ونالَ درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة عين شمس.
عمِلَ أستاذًا ورئيسًا لقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة عين شمس، وعمِلَ بالأمم المتحدة مستشارًا لشؤون الثقافة والعلوم الإنسانية في اللجنة الوطنية لليونسكو بالقاهرة، ونال جائزةَ الدولة التقديرية، وجائزةَ الدولة التشجيعية عامَ ١٩٦٢م عن كتابه «اسبينوزا»، وجائزةَ مؤسسة الكويت للتقدُّم العلمي عامَ ١٩٨٢م عن ترجمته لكتاب «حكمة الغرب» لِبرتراند رسل، تُوفِّي بالقاهرة عامَ ٢٠١٠م، عن عمر يناهز الثلاثة وثمانين عامًا.
له العديدُ من المُؤلَّفات منها: «التفكير العلمي»، و«الثقافة العربية وأزمة الخليج»، و«الصَّحْوة الإسلامية في ميزان العقل»، و«آراء نقدية في مشكلات الفِكر والثقافة»، وغيرها الكثير.