العقلانية ومشاكل العصر
العقلانية ومشاكل العصر
العقلانية هي توازن، توازن بين القديم والجديد، فلا نعطِّل عقولنا عن البحث في حلول لمشكلات عصرنا ظنًّا منا أن ما عند السابقين كافٍ في كل زمان، ولا نستخدم عقولنا بغير اهتداء بالثوابت والأصول وإلا جاءت الحلول مجانبة لجماهير الأمة، فخسرنا الهدى وحرم الناس الاستفادة من بعض ما عندنا، وهي توازن بين ما نعلم وما لا نعلم، فالوعي لا يكون كاملًا أبدًا، فيتحرَّى العقلاني الدقة والأمانة في حديثه وفي أطروحاته، ويعترف بأهمية ما لا يعرف، لكنه لا يقبل من غيره شيئًا إلا بدليل وبرهان.
والعقلانية أيضًا توازن بين العقل والعاطفة فتستخدم كلًّا منهما في مجاله الصحيح، العقل يفهم الأحداث ويتخذ القرارات، أما المشاعر فتمنح حياتنا المعنى وتعيننا على تحمُّل المشاق، وفيها إدراك أن الموضوعية نسبية لأن الموضوعية المطلقة عسيرة وبخاصةٍ في التعامل مع ما هو معنوي لا مادي، فإدراك المعنوي ليس معزولًا عما يحمله كل إنسان من تجارب ومفاهيم، ويقتضي هذا الإدراك تسامحًا ومرونة في التعامل مع آرائنا وآراء الآخرين.
كيف نصل إلى العقلانية؟ يمكننا الوصول إليها عن طريق القراءة والبحث والنقد والحوار، وبمجاهدة النفس والتحرُّر من أهوائها ومن أسر المصالح الشخصية، وكذلك الصبر وصلابة الإرادة، والتأمل الذي من خلاله قد نصل إلى تحسين فهمنا للطرق المسدودة والضيقة، مما يوفِّر علينا كثيرًا من الجهود والأوقات.
الفكرة من كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
في عصر تُهدَّد فيه ثوابتنا، وتُجتثُّ جذور حياتنا الثقافية والاجتماعية، نحتاج إلى عقليات ممتازة، يمكنها طرح حلولٍ مجدِّدَةٍ، لكنها مع تجديدها لا تنفصل عن ماضي الأمة وتاريخها.
انطلاقًا من حاجتنا تلك يحدثنا هذا الكتاب عن العقلية، وعن تشكيلها وموارد تنميتها، وعن سمات العقلية التي نحتاج، وأفكار متنوعة أخرى ترسم لنا كيف نبنيها.
مؤلف كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
عبد الكريم بكار، واحد من المؤلفين البارزين في قضايا التربية والفكر الإسلامي، حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعلى الماجستير والدكتوراه من قسم أصول اللغة بالكلية نفسها بجامعة الأزهر، وقاد مسيرة أكاديمية في تدريس اللغويات عمرها 26 عامًا في جامعات مختلفة، ثم استقال في عام 2002 ليتفرَّغ للتأليف والعمل الدعوي.
له الكثير من المحاضرات، وشارك في العديد من المجلات والصحف العربية، وألَّف أكثر من أربعين كتابًا، منها أكاديمي متخصِّص مثل: “الصفوة من القواعد الإعرابية”، و”أثر القراءات السبع في تطوير الفكر اللغوي”، ومنها تربوي وفكري مثل: “فصول في التفكير الموضوعي”، و”العيش في الزمان الصعب”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”، و”نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي”، و”ابن زمانه.. التربية من أجل المستقبل”، و”القراءة المثمرة: مفاهيم وآليات”، و”حول التربية والتعليم”، و”المتحدث الجيد”.