العزم والفتور
العزم والفتور
﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ﴾ كان هذا خطاب الله (عز وجل) لنبيه ﷺ، إذا فرغت من مهمة فانصب لأخرى، فالراحة في الجنة وليست في الدنيا، أما الدنيا فهي دار عمل لا كسل، وأي فراغ دنيوي هو في حقيقته غفلة عن الآخرة، يقول الله (عز وجل) مخاطبًا نبيه موسى (عليه السلام): ﴿اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي﴾، أي دون تباطؤ، والواني هو الغافل المفرط، فإن كان هذا في حق أولي العزم من الرسل، فلنحن أحوج منهم إلى تلك الموعظة.
هل يعني ذلك ألا نرتاح أبدًا؟ وما يفعل المرء إن أصابه فتور؟
النفس الإنسانية ملولة، والشيطان يتربَّص بها، والجنَّة محفوفة بالمكاره كالنار قد حفَّت بالشهوات، يقول ﷺ: “إن لكل عمل شِرّة، ولكل شرَّة فترة، فمن كانت فترته إلى سنَّتي فقد اهتدى، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك”، فنرى الشريعة تراعي فطرة الإنسان وطبيعته ولا تطالبه بما يعجزه، فإن أصاب المؤمن فتور استراح بالمباحات، مما أحلَّ الله له، ولم يتعدَّ ذلك للمنكرات واللغو، ينتوي بذلك الترويح عن النفس للتقوى على الطاعة والسعي، ومعرفة طبيعة نفسك يجعلك أكثر قدرة على سياستها، فلا تشقُّ عليها بما لا تطيق فينهار عزمك مرة واحدة، فكن حكيمًا في تعاملك مع الفتور دون أن تسلِّم له، فالكسل لا يطول امرأً حتى يوقعه في ذنب أو تفريط.
الفكرة من كتاب الحرب على الكسل
الكسل هو التثاقل عن الأشياء المهمة، وهو داء يجر الوبال على صاحبه، إذ لا يأخذ من دنيا المرء فقط، بل من دنياه وآخرته كليهما، وكلما ازداد المرء كسلًا، أصابه الفراغ والتبلُّد، يقول الإمام الراغب: “من تعطَّل وتبطَّل انسلخ من الإنسانية، بل من الحيوانية، وصار من جنس الموتى، لأن الفراغ يبطل الهيئات الإنسانية، فكل عضو تُرِك استعماله يبطل، وكما أن البدن يتعوَّد الرفاهية بالكسل، كذلك النفس بترك النظر والتفكُّر تتبلَّد وتتبلَّه، وترجع إلى رتبة البهائم”.
مؤلف كتاب الحرب على الكسل
خالد أبو شادي: طبيب صيدلي وداعية إسلامي، ولد في مصر عام 1973، درس في الكويت ثم أكمل دراسته الجامعية بالقاهرة، له كتب ومحاضرات توعوية متميزة، وعُرف بعنايته بتزكية القلوب والجانب الإيماني، ويتميَّز أسلوبه بالسهولة والقرب لكثير من الشباب.
من مؤلفاته: “أول مرة أصلي”، و”ونَطق الحجاب”، و”صفقات رابحة” و”بأي قلب نلقاه”، و”هبِّي يا رياح الإيمان”، وله برنامج تلفزيوني بعنوان “وتستمر المعركة”.