العرب يتراجعون.. أوروبا تُنحي الدين
العرب يتراجعون.. أوروبا تُنحي الدين
كان العثمانيون الأتراك بعيدًا عن مخلفات الحضارة ما زالت تلك الجذوة في قلوبهم جاهزة للاشتعال، وكانوا ذوي عهد بالحروب وفكر في صناعة الحرب وكان موضعهم الجغرافي خطيرًا في قلب أوروبا والعالم مُتيحًا لهم التوسع وتبوؤ موضعهم من التاريخ، ولكن لم تدم هذه النهضة التركية لفترة طويلة، فبعد حكم سليمان القانوني تعاقب عليها حكام ضِعاف لم يدركوا خطورة الفترة التي عاصروها، وسيطر على أمة المسلمين جمود عام ونشاط في العلوم الجدلية سايرته نهضة حذرة في أوروبا تعوض ما فاتها وتتحرر من سطوة الكنيسة شيئًا فشيئًا، حتى إذا أطل القرن السابع عشر للميلاد انطلقت هذه النهضة الأوروبية تُحرر وتكتشف وتُحول أوروبا إلى المادية العاتية.
لم تكن هذه الحضارة الأوربية الحديثة إلا وريثة لسابقتيها الرومانية والإغريقية، مزجت صفاتهما وأسست على ذلك مبادئها وأفكارها، فالحضارة اليونانية اختلفت عن الشرق في الاهتمام بالمحسوس وحس القومية والانتماء، وانعكس ذلك على طبيعة تصورهم عن الإله.
أما الحضارة الرومانية ففاقت اليونان في نزعة الاستعمار، ولكنها لم تجاريهم في النواحي الأدبية والدينية، ولكن بعد ظهور الدعوة المسيحية قرر الإمبراطور قسطنطين المزج بينها وبين الوثنية الرومية فورثت النصرانية الجديدة هذه الإمبراطورية الشاسعة بمعتنقيها الجدد، وما لبثت أن طرأت عليها بدع الجاهلية من رهبانية مُهلكة لأبدان البشر وبدلًا من أن تُحجِّم المادية فقد عزلت الدنيا وصورتها كأرض عذاب، ثم ما لبثت أن ثارت تلك النزعة الشهوانية المكبوتة وانفجرت في البلاد والعباد حتى الرهبان عاثوا فسادًا في دنيا الناس فباعوا لهم دينهم واحتكروا العلم بل وصاغوه على حسب رؤيتهم للعالم في زمانهم وأصبحت تلك القناعات دينًا يُعبد، وكان الصدام بين الكنيسة وبين تلك العقول العلمية ذات الآراء الجديدة الثورية حادثًا لا محالة، وواجهت الكنيسة هذه الحركات بالحديد والنار مما أحدث هذه الهاوية بين العلم والدين، فقد رأى أصحاب كل تيار ضرورة القضاء على الآخر حتى يستبقي مذهبه، وأصبح الدين بالنسبة إلى هؤلاء الثوار تذكيرًا دائمًا بدماء أسلافهم التي هدرتها الكنيسة، فاندفعت أوروبا بجنون خارجة من حظيرة الدين هاوية على أرض الحياة المادية وأصبحت كل التفسيرات العلمية والمواقف الأخلاقية تنطلق من هذا الاتجاه النفعي.
الفكرة من كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين
إن معاناة العالم الإسلامي من آثار الحضارة الحديثة لم تُصبه في دنياه فقط، وإنما سلبته أهم ميزاته وقواه ألا وهي نزعته وتربيته الروحية، لقد أيقظ النبي ﷺ هذه النزعة ونقاها من شوائب الجاهلية ووجه هذه المواهب إلى حيث تبرز وتنتج، يتابع أبو الحسن التيارات والأفكار التي سيطرت على البشر منذ خفوت الزعامة الإسلامية ومدى تأثيرها في حاضر البشر، وهل هي جديرة بهذه القيادة، ثم يحدد الشروط اللازمة لاستعادة المسلمين هذه الزعامة.
مؤلف كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين
أبو الحسن الندوي المفكر الإسلامي الهندي، ولد بقرية تكية عام 1914م وينتهي نسبه إلى ال
إمام علي بن ابي طالب، درس القرآن والحديث والتفسير في ندوة العلماء بكلية دار العلوم، ثم بدأ عمله بها مدرسًا للتفسير والأدب العربي، أسس العديد من الحركات والمؤسسات الدينية مثل حركة رسالة الإنسانية والمجمع الإسلامي العلمي، له العديد من المؤلفات من أهمها:
مختارات من أدب العرب.
رجال الفكر والدعوة في الإسلام.
قصص النبيين للأطفال.