العرب والعلوم التطبيقية
العرب والعلوم التطبيقية
اعتُبر بطليموس صاحب “المجسطي” معلم الجغرافيا الأول في العصور القديمة، لكن علم الجغرافيا نفسه ليس علمًا يونانيًّا في أصوله، لأن بطليموس اقتبس كثيرًا من المصريين والكنعانيين والبابليين، أما العرب فقد أخذوا علم بطليموس وأضافوا إليه ونقحوه قبل أن يصل إلى الأوروبيين، فنرى البيروني الذي عرف الجغرافيا بسبب رحلاته في آسيا الشرقية، وكذلك ابن يونس المصري الذي اخترع الرقّاص في القرن التاسع الميلادي، كما رجح العالِم الغربي جوستاف لوبون أن اختراع الإبرة المغناطيسية يعود إلى الملاحين العرب.
وأما الأندلس فقد كانت لها الصفوة، فهي التي أشاعت هذا العلم في أوروبا، وخرج منها علماء كالشريف الإدريسي صاحب كتاب “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق”، وقد وصل إلى حقيقة منابع النيل العليا وعُرف بخرائطه التي سبقت عصره كخريطة النيل ووصف منابعه الموجودة في متحف سان مارتين الفرنسي.
كما أن العرب عرفوا حقيقة كون الأرض مُدوَّرة وليست مسطَّحة كما ظن الغرب وكنيستهم التي أنكرت دوران الأرض، فنرى في كتاب ابن خردزابة الذي وصف كون الأرض مدورة كتدويرة الكرة موضوعة في جوف الفلك، وكذلك ابن رستة والمسعودي، والبيروني الذي رأى أن الأجسام كلها مجذوبة إلى مركز الكرة الأرضية، وأن الأثقل يسبق الأخف في الحركة إلى ذلك المركز.
وعن الرياضيات نرى علم الجبر الذي يعرف باسمه العربي في جميع اللغات الأوروبية حتى الآن، ونرى الأساتذة الأوروبيين العصريين أمثال كارل ساخاو ولالاند الفرنسي الذين أُعجبوا بعبقرية العلماء الرياضيين المسلمين كالبتاني والبيروني.
الفكرة من كتاب أثر العرب في الحضارة الأوروبية
نظن نحنُ أمة الشرق الآن أننا أصبحنا في القاع، وإن تأكَّدت ظنوننا فإننا رغم ذلك لا ننظر إلى الحلول بقدرِ ما نتجادل في مشكلاتنا، والأعجب من ذلك أن الكثير منّا وصل به الحال إلى اتهام ما كان سببًا يومًا ما في انتشالنا من القاع بأنه هو سبب ما نحنُ فيه الآن.
إن الأمة التي تعلمُ ماضيها ستعرف كيف تُصلح حاضرها مهما ساء وضعه، ووجب علينا أن نعرف من نحنُ حقًّا وكيف أضاف أجدادُنا بصمةً في العلوم والفنون كانت هي حجر الأساس لكل ما وصل إليه العالم الآن.
مؤلف كتاب أثر العرب في الحضارة الأوروبية
عباس محمود العقاد (1989-1964م): أديبٌ ومُفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ألَّف أكثر من مائة كتاب في شتى المجالات، أشهرها سلسلة العبقريات، والفلسفة القرآنية، وحياة قلم، ويُعد من أهم كتَّاب القرن العشرين في مصر.