العرائس المتحركة
العرائس المتحركة
يذخر التاريخ البشري بالنضال بين الفرد والطبيعة، حيث سعى الإنسان لاستكشاف الفضاء والغوص في أعماق المحيطات، فلم تكن الثورة تهدف إلى معارضة الطبيعة بقدر ما كان هدفها التوصل إلى فهم أبجديات النظام الكوني المحيط ومن ثمّ ترويضه، فبدأ على إثر ذلك النشاط الإنساني بالتقدم شيئًا فشيئًا إلى أن اتجه الإنسان لإمعان النظر في داخله واستكشاف نفسه، فظهرت العديد من النظريات حول عملية الإدراك البشري ومركزية السلوك، إلى أن استقر البحث العلمي أخيرًا على الدور المحوري للمخ البشري نتيجة تراكم الأدلة العلمية غير القابلة للنقض.
لذلك تركزت أبحاث العلماء لسبر أغواره، وانتهج علماء النفس فلسفة الفحص التجريبي للحالات العقلية للوصول إلى نظريات قادرة على التنبؤ بالسلوك البشري على نحو أفضل، ورغم أن العلم توصل إلى أن البنية التشريحية للمخ البشري المرتكز في الدماغ كونه المايسترو الذي ينظم جميع العمليات الخاصة بالسلوك المادي للبشر، فهو يتكون من وحدات مختلفة يرتكز كل منها فوق الأخرى، إضافةً إلى بعض الأنسجة، بجانب ذلك ينطوي على شبكة من الموصلات العصبية بالغة التعقيد تحوي كميات هائلة من المعلومات والبيانات ما زال معظمها مجهولًا لنا إلى اليوم.
ورغم أن نوعية النبضات الواردة إلى المخ واحدة، فإنه يملك قدرة عجيبة على التفريق بينها واستقرائها جميعًا دون الخلط بينها، ثم بعد تحليلها يرسل الاستجابة المناسبة إلى كل منها تلقائيًّا خلال أجزاء قليلة من الثانية، ولذا دأب العلماء على إجراء العديد من التجارب لمعرفة مناطق التخصص داخل المخ البشري، وما يتبع ذلك من تغيرات نفسية تتعلق ببعض الأمراض النفسية كالاكتئاب والفصام والقلق إلى غير ذلك من التغير في السمات الشخصية، أو الآثار الجانبية الناتجة عن خلل في بعض الأنسجة أو الخلايا داخل المخ، وكلما زادت درجة معرفتنا بطريقة عمل الدماغ أمكننا ذلك معالجة الألم المستمر لبعض المرضى الميئوس منهم.
الفكرة من كتاب عقول المستقبل
يدرك الجميع أننا على مشارف تحوُّل ضخم يفوق في آثاره جميع مخرجات الثورة الصناعية السابقة، فمحاولات الوصاية على العقل البشري ومنعه حرية الانتقال نحو آفاق جديدة قد باءت جميعها بالفشل، من هنا كانت تلك القضية هي الشغل الشاغل للباحثين المعنيين بدراسة المستقبل واستشرافه، وتمثل تلك النقلة النوعية في التطوُّر التكنولوجي العديد من الآليات والأدوات والعلوم الجديدة المختلفة، وعلى ذلك فبدلًا من محاولة الارتكان إلى الماضي والتشبث به، علينا التسلح بخرائط عقلية جديدة لمواكبة المستقبل، ويعد هذا الكتاب باب الولوج لاستشراف المستقبل وشكل الحياة في الغد.
مؤلف كتاب عقول المستقبل
جون ج. تايلور: فيزيائي ومؤلف بريطاني، وُلد في الثامن عشر من أغسطس من عام 1931، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة كامبردج البريطانية، كما عمل بالوسط الأكاديمي في علوم الفيزياء الرياضية والذكاء الاصطناعي، حيث كان أستاذًا فخريًّا ومديرًا لمركز الشبكات العصبية في كينجز كوليدج لندن، وعالمًا زائرًا لمركز الأبحاث في معهد الطب في يوليش بألمانيا، توفي في العاشر من مارس من العام 2012.
له عدة مؤلفات منها: “السباق من أجل الوعي”، و”العقل: دليل المستخدم”، و”الثقوب السوداء: نهاية الكون؟”.
معلومات عن المترجم
د. لطفي محمد فطيم: مترجم مصري، حصل على شهادة الدكتوراه في علم النفس من جامعة عين شمس، عمل أستاذًا أكاديميًّا بعدد من الجامعات المحلية، كما أنه عضو في عدد من جمعيات علم النفس الدولية، وله مؤلفات منها كتاب “الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي”، وله بعض الترجمات، أبرزها: “أزمة علم النفس المعاصر”، و”نظريات الشخصية”.