العدالة الاجتماعية
العدالة الاجتماعية
ينشأ من تباين الطبقات فوارق كلما اتسعت مساحتها زادت الهوة بين أفرادها وما يعانون منه كلما انخفض مستوى طبقتهم، ولهذا تمثل العدالة الاجتماعية قضية غاية في الأهمية، فمنذ ثورة 1952م اهتم الخطاب السياسي الإعلامي بمركزيتها وبذلت السلطة جهودًا ضخمة لتحسين ظروف الطبقات الدنيا والوسطى وكسر حالة احتكار الثروات، ولكن مع وصولنا إلى الثمانينيات تحركت البيئة الاقتصادية نحو الخصخصة والدخول إلى عالم العولمة وتفاجأنا بأزمة وركود اقتصادي تالٍ، أسهم في توسيع الفوارق الطبقية مرة أخرى، فكيف تعاملت وسائل الإعلام مع تلك القضية؟
في الخطاب السلطوي مارست وسائله الإعلامية الرسمية الإزاحة والتهميش، ودائمًا ما كانت تطمئن الجماهير على قدرة السلطة في التعامل مع أي مشكلة، بأن جميع المعدلات الاقتصادية تحت السيطرة، وأن الصبر هو الطريق للحل، بينما وضع الخطاب الإعلامي الليبرالي العدالة الاجتماعية كمعيار أساسي لقياس نجاح النظام القائم، دون أن يوجِّه انتقادًا مباشرًا للنظام.
بالنسبة للخطاب الماركسي فإنه ينطلق من الأساس من مرجعية قوامها المساواة والعدل الاجتماعي، فهاجم الانفتاح الاقتصادي وسياسات الإصلاح المتبعة منذ الثمانينيات، إضافةً إلى طرق توزيع الإنتاج وتراكم الثروات في يد فئة قليلة من الناس، أما الخطاب الإسلامي فإنه انتقد غياب القضية بالكامل عن وعي الحكومة، وأنها نتاج البعد عن تطبيق التشريعات الإسلامية ومركزية الله.
وأخيرًا كان الخطاب القبطي يرى مفهوم العدالة الاجتماعية من خلال نطاق عنصري ضيق، يتمثَّل في منع الأقباط من الترقِّي في المراكز المهمة وعدم توفير نفس الفرص التي يتمتَّع بها المسلمون.
الفكرة من كتاب الإعلام وتجريف العقل الجمعي: في مرحلة التحول الديمقراطي
تلعب وسائل الإعلام دورًا مهمًّا جدًّا في تشكيل الوعي، إن لم يكن دورها هو الأكبر، وبطبيعة الحال فإن تلك الوسائل هي كيانات لها مصالحها وأهدافها وقوى اقتصادية وسياسية محركة لها، ولذلك فإن الدور الذي تلعبه مشروط بمصالح تلك القوى، فهل يشكِّل الإعلام وعيًا حقيقيًّا بالمشكلات الاجتماعية أم يزيِّفها؟
هذا هو السؤال المحوري الذي لا نستطيع الإجابة عنه حتى نقارن بين الصور التي تنقلها وسائل الإعلام والواقع، هل تضخِّم المشكلة أم تضعها في حجمها الصحيح؟ هل تتناولها من الأساس أم تهمِّشها وتتجاهلها؟ تشير بأصابع الاتهام حول الأسباب الحقيقية أم تدير وجهها إلى ناحية أخرى؟ تطرح حلولًا واقعية ممكنة التنفيذ أم مجرد ديباجات؟ في كتابنا سنتناول أربع قضايا هي: الهجرة غير الشرعية، وتجارة الأعضاء البشرية، والعدالة الاجتماعية، وثورتا مصر، ونرى كيف تعاملت وسائل الإعلام معهم.
مؤلف كتاب الإعلام وتجريف العقل الجمعي: في مرحلة التحول الديمقراطي
محمد سيد أحمد: مصري الجنسية حاصل على دكتوراه في علم الاجتماع السياسي، له العديد من المؤلفات في علم الاجتماع، أشهرها:
الخطاب السياسي للطبقة الوسطى المصرية.
مجتمعات آيلة للسقوط.