العالِم في المجتمع
العالِم في المجتمع
التصوُّر الرومانسي للعالم العبقري المنعزل في معمله أو (عالم البرج العاجي) لم يعد موجودًا في عالمنا المعاصِر، وإنما للبحث العلمي الآن جوانب اجتماعية عديدة، كما أنه مهنة لها سياساتٌ وأخلاقيات كالمهن الأخرى في المجتمع.
وفي البُعد الاجتماعي نجد علاقة الباحثين بمن سبقوهم في مجالهم، وتفاعلهم مع أقرانهم من الباحثين في تخصُّصاتهم، ومسؤوليتهم الاجتماعية تجاه المجتمع في تحسين حياة الناس؛ فلا بد أن يكون هناك باحثون قادرون على عرض وجهات نظرهم بكفاءة وبلغة واضحة لعامة الناس في اللقاءات المجتمعية ليبينوا ارتباط العلوم بحياتنا اليومية، متذكِّرين وموضِّحين أن العلوم لا تجيب عن سؤال “لماذا؟” الذي تهتم به الأديان والفلسفات وإنما عن “كيف؟”، وأنه لا يمكن لها إثبات شيء بشكل نهائي وإنما تقوم على احتمالات قوية مبنية على البيانات المتاحة، لأن ما يزعزع ثقة الناس في العلماء غالبًا هو إغفال هذه النقاط.
أما السياسات فهي الطرق والاستراتيجيات التي يصل بها الباحث إلى ما يريد في مختلف جوانب العملية البحثية كالحصول على التمويل أو الترقيات، والتعامل والتفاعل السياسي هو وسيلة الوصول إلى الهيبة والمال والسلطة كما في المهن الأخرى، والهيبة العلمية للأفراد والمؤسسات التي ترتبط غالبًا بحصد جوائز عالمية أو بالنشر في دوريات معينة، وتقود الهيبة إلى المال والسلطة، والمال محرِّك أساسي للسياسات لأن مبالغ التمويل البحثي المحدودة تولِّد تنافسًا كبيرًا ويخضع توزيعها أحيانًا لمعايير لا تتعلق بالجدارة العلمية، والسلطة مرتبطة بالمال ارتباطًا وثيقًا، ولذلك ربما يحتاج الباحثون -وكما في المهن الأخرى للأسف- إلى الاتصال بمن هم في مواقع السلطة، أما داخل البيئة البحثية فلا توجد سلطة مطلقة لباحث على آخر. ونجاح سياسات البحث العلمي والحد من المخاطر المرتبطة بها يحتاج إلى باحثين قياديين أكفاء.
وأما أخلاقيات المهنة فتختلف من مجال إلى آخر، ولكنها تتفق في نقاط أساسية مثل موثوقية البيانات والاعتراف بجهود المساهمين في البحث والشفافية في تحديد مصادر التمويل، وتناقش القضايا المرتبطة بالتجارب على البشر وعلى الحيوانات وبأخلاقيات النشر والتأثير البيئي وغيرها.
الفكرة من كتاب كيف تصبح باحثًا علميًّا متميزًا؟
هل أنت شخص مناسب للعمل في مهنة البحث العلمي؟ كيف تفكر كعالم؟ وكيف يتشابه العلم والفن؟ كيف تعرض مشروعك البحثي؟ وكيف هي علاقة العالِم بالمجتمع في عصرنا؟ ما التحديات والمكافآت التي تنتظر الباحثين؟ هذا ما نعرفه مع هذا الكتاب…
مؤلف كتاب كيف تصبح باحثًا علميًّا متميزًا؟
فيليب أ. شوارتزكروين، باحث وعالم أعصاب، رائد في مجال البحث العلمي بما له من خبرةٍ تزيد على 40 عامًا شارك خلالها في أكثر من 200 بحث علمي، نال درجاته العلمية من جامعتي هارفرد وستانفورد، ودرَّس في جامعة ستانفورد وجامعة واشنطن وجامعة كاليفورنيا – ديفيس، وأسَّس مركز علم الأعصاب بها، وتقلَّد مناصب علمية عديدة فكان رئيس الجمعية الأمريكية للصرع، وعضوًا في الاتحاد الدولي لمقاومة الصرع، ومحررًا مشاركًا للدورية العلمية الدولية في مجال النوبات العصبية، وقد فاز بعدد من الجوائز تقديرًا لإسهاماته البحثية.
معلومات عن المترجم:
محمد حماد هندي: حصل على بكالوريوس في العلوم والتربية من جامعة المنيا عام 1985، ثم حصل على ماجستير التربية من نفس الجامعة في عام 1989، ثم نال دكتوراه الفلسفة في التربية من جامعة ولاية ميشيغان بالولايات المتحدة عام 1997، درَّس في جامعة المنيا وجامعة أبوظبي وجامعة بني سويف، وهو حاليًّا عميد كلية التربية بجامعة بني سويف (2021).
من مؤلفاته: “التعلم النشط – اهتمام تربوي حديث قديم”، و”مهارات الدراسة والمذاكرة”، ومن ترجماته كتيب بعنوان “تبسيط العلوم”.