العادات وطريقة اكتسابها
العادات وطريقة اكتسابها
وإن كنت من أصحاب المزاج الانطوائي فقد تظن اكتساب الطابع الاجتماعي -المتمثل في ارتياد المطاعم والمسارح والتحدث مع الآخرين- أمرًا صعبًا، لكنه في الحقيقة عادة تشبه أية عادة اكتسبناها في حياتنا، فطريقتنا في التفكير أو العمل أو المشي أو الأكل ما هي إلا عادات اكتسبناها في مرحلة ما من عمرنا لنشكل بها أخلاقنا ونظرتنا إلى الحياة، وإذا كنت ممن يسعون إلى تربية أنفسهم فعليك تعلم كيفية اكتساب عادة في حياتك.
بدايةً.. العادة هي العادة سواء كانت جيدة أم سيئة، فإن الفعل إذا تكرر ثبت، وإذا أردنا أن نبني عادة حسنة علينا أولًا أن نقتنع بها، فمجرد الميل تجاه تلك العادة لا يكفي، بل يجب علينا أن نحضر دفترًا لنكتب فيه الأسباب التي تدفعنا إلى ممارسة تلك العادة والفوائد التي ستعود علينا منها، وعند شعورنا بالاقتناع علينا أن نعمد إلى ممارسة تلك العادة في اليوم نفسه، ثم في اليوم التالي علينا أن نجدد عزمنا ونمارسها من جديد، ونستمر هكذا حتى تثبت تلك العادة، ومن المهم مراعاة أن نبدأ بشكل بسيط حتى لا نتجاوز حدود طاقتنا وتفتر عزيمتنا عن الاستمرار.
والتوقف عن العادة لا يختلف كثيرًا عن اكتسابها، فأولًا علينا كتابة الأسباب التي تدفعنا إلى التوقف عن تلك العادة والفوائد التي ستعود علينا من هذا التوقف، وبمجرد الاقتناع علينا أن نعزم على التوقف في اليوم نفسه، ومع بداية كل يوم علينا أن نجدد ذلك العزم كتابة، والتوقف المفاجئ عن عادة ما قد يكون صعبًا ويشعرنا بالتوتر والكبت من هذا التغير المفاجئ، ويمكن للتخفيف من هذا الكبت أن نستبدل بتلك العادة عادةً أخرى نافعة مشابهة لها، وإن لم ننجح فيمكننا اللجوء إلى التحليل النفسي.
الفكرة من كتاب فن الحياة
الإنسان يشبه الحيوان من الناحية البيولوجية، فكلاهما يأكل ويشرب ويتناسل، ولكن الإنسان يمتاز من الحيوان بعقله الذي يستطيع أن يسلطه على غريزته فيكبحها ويسيطر على كيفية تدفقها، بينما الحيوان تحركه غريزته دون وعي منه، وبكبح غريزته تمكن الإنسان من توجيه عقله إلى صنع الثقافة والفنون والأدب والحضارة، محولًا بهم المألوف من الطبيعة إلى شكل من أشكال الجمال نستلذ به ونزداد به استمتاعًا بالحياة.
وبالرغم من ذلك فما زال هناك عديد من الناس الذين يعيشون على الضرورات البيولوجية فقط، منساقين وراء مواريث وقيم المجتمع بشكل قائم على الغريزة والعاطفة، فهم يأكلون ويشربون ويشترون الملبس، ويستزيدون من الأموال معتقدين أنهم هكذا يعيشون حياتهم سعداء، ولكنها سعادة كاذبة تجعل أصحابها ذاهلين خاملين يكتفون بالعيش على سطح الحياة دون أن يعيشوا عمقها، دون أن يستعملوا فكرهم وعقلهم ليصلوا إلى السعادة الحقيقية التي لا تخضع لمعايير المجتمع وسعادته الزائفة.
مؤلف كتاب فن الحياة
سلامة موسى: صحفي مصري ولد عام 1887م في محافظة الشرقية، سافر إلى فرنسا وقضى فيها ثلاث سنوات التقى فيها بعديد من الفلاسفة والمفكرين الغربيين، ثم انتقل بعدها إلى إنجلترا وقضى فيها أربع سنوات يدرس الحقوق ويقرأ مؤلفات الاشتراكيين مثل كارل ماركس وغيره، وعندما عاد إلى مصر كان رائد الحركة الاشتراكية وصاحب أول كتاب عن الاشتراكية في الوطن العربي، وأصدر كلًّا من مجلة المستقبل والمجلة الجديدة، وتولى رئاسة مجلة الهلال لمدة ست سنوات، وشارك في تأسيس الحزب الاشتراكي المصري، وتُوُفِّيَ سنة 1958 عن عمر يناهز واحدًا وسبعين عامًا، تاركًا خلفه عديدًا من المؤلفات مثل:
أحاديث إلى الشباب.
الشخصية الناجعة.
الأدب والحياة.