الطفل بين وعيه بذاته ومبادئ الحياة
الطفل بين وعيه بذاته ومبادئ الحياة
يجيء الفرد منا إلى هذا العالم طفلًا ضعيفًا صغيرًا هشَّ الوعي والإدراك كما يقول سبحانه تعالى:﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قليلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ ليبدأ من بعدها رحلة وعيه بذاته ومبادئ الحياة من حوله شيئًا فشيئًا،ولأن أول ما يبدأ الطفل استيعابه هو أن له ذاتًا،وأن للآخرين ذواتٍ أخرى مستقلة ومغايرة عنه يأتي دور المربين في التنشئة وبلورة المفاهيم الصحيحة عن الذات والحياة في مخيلة الطفل،ومن المفاهيم الأولى التي ينبغي زراعتها في عقلية الطفل هي العبودية لله (سبحانه وتعالى)،وأننا خلق ممن خلق ،خلقنا وأوجدنا لغاية وسبب وعاقبة،وأنه المليك القادر المتصرف في الوجود ومن فيه،ومن ثم تشجيعه على تقبُّل ذاته التي ولد بها وظروفه الخاصة به وتوطينه على التكيُّف معها والتعامل وفقًا لخصوصيتها برضى وقناعة وقابلية للتطور والارتقاء.
ثم يأتي دور شرحنا للطفل حزمة من مبادئ الحياة المختلفة الكفيلة بتشكيل وعي متوازن ومتصالح مع الأنا والآخر مقرونة بجملة من التدريبات المطولة التي تنمي في الطفل ملكة التفكير الموضوعي،وتساعده على التعرف على نقاط القوة والضعف في كل شيء حوله وتقرِّبه من ذاته ومن المعاني الحقيقية للأشياء بعيدًا عن الأهواء والأوهام.
الفكرة من كتاب تأسيس عقلية الطفل
أهداف التربية في الأساس تتمحور حول تنشئة وإخراج جيل يخاف الله ويتبع هدي نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم).
إنه جيل يستحضر قيمة رسالته وموقعه من التاريخ بحافزية عالية ومسؤولية حاضرة،وهذا مما لا يتسنَّى تحقيقه إلا في داخل أطر عملية تربوية طويلة المدى يحتاج فيها المربي نفسه إلى تمثُّل القيم والأفكار الصحيحة في أسلوبه وممارساته، حيث تتجلَّى فيه هذه القيم للطفل درسًا عمليًّا ومثالًا قريبًا بعيدًا عن التنظير والتوجيهات الفارغة،وأن يكون المربي على علم واطلاع كافيين بعدد لا بأس به من المفاهيم التي تتصل بشتى جوانب الحياة لتكون توجيهاته وإرشاداته أكثر تفهُّمًا للظروف والوقائع، ومن هذا المنطلق قدَّم المؤلف كتابه تلبيةً لما يراه من التحقُّق في عقلية المُربي وسلوكه.
مؤلف كتاب تأسيس عقلية الطفل
عبد الكريم بكَّار مفكر وكاتب سوري الجنسية من مواليد 1951 ميلادية، مهتم بمجالات التربية والفكر الإسلامي وقضايا النهضة، متحصِّل على بكالوريوس وماجستير في اللغة العربية من جامعة الأزهر إلى جانب دراسته لأصول اللغة وعلوم الفلسفة، كما أنه اشتغل بتدريس اللغويات ودلالة الألفاظ وعلوم اللغة العربية وعلوم القرآن.
يمتلك أكثر من ثلاثين مؤلفًا، ومنها: “فصول في التفكير الموضوعي”، و”مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي”، و”نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”.