الطريق إلى تشيؤ الإنسان
الطريق إلى تشيؤ الإنسان
كيف تعمل لوغاريتمات الداتا؟ بناءً على الداتا الخاصة بك بجانب داتا الأشخاص الذين يشبهونك، ستكوّن اللوغاريتمات نسخة منك لتتمكن من فهم خصائصك والتنبؤ برغباتك ثم ترشيح اقتراحات مربحة ومناسبة لك، فإذا بحث شخصان بلوني بشرة مختلفين عن كلمة العنصرية، فسوف يجدان نتائج مختلفة. ولعلك تتساءل عن دور الحكومات والقانون في تلك الأمور، هناك تعاون واضح بين عمالقة الداتا والسلطات لضمان حصول كل جانب على ما يريده، فالحكومات تحصل على نصيبها من بيانات الأشخاص لأهداف المراقبة والتجسس، مقابل شرعنة ممارسات شركات عمالقة الداتا وحمايتها من التعرض للمساءلة.
عملية رقمنة كل شيء حولنا بهدف قياسه ثم التحكم فيه والتربح منه، تدريجيًّا تحوّل الإنسان إلى شيء أيضًا، وتنزع خصوصيته وتعامله كآلة، متجاهلةً أفكاره وتخيلاته ومشاعره، مختزلةً إياه في بضع هويات وجوانب رقمية، ويمارس عمالقة الداتا انتهاكات مستمرة لخصوصية الإنسان، والحياة الخاصة ليس معناها ما نريد أن نخفيه، بل هي عكس الحياة العمومية، وهي وقت حيوي لازم لإعادة شحن طاقاتنا، ورغم ذلك يجادل إريك شْمِيت المدير التنفيذي لجوجل في أنك إذا كنت خائفًا أن يعرف أحد عن تصرف قد فعلته، فيجب ألا تفعله من الأساس.
ولكن إذا كان الخوف يساوي الإخفاء، فلماذا تناقض الشركات منطقها وتخفي عنا ما تريد أن تفعله ببياناتنا وأحدث أساليبها؟ ولماذا أيضًا يحرص بعض عباقرتها كستيف جوبز على حماية أطفالهم من التكنولوجيا التي يبتكرونها؟
الفكرة من كتاب الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية
كتب جورج أورويل روايته الشهيرة “1984” عن عالم خيالي، أفراده مراقبون باستمرار من الحاكم الذي يطلق عليه الأخ الكبير، فما مدى تشابه عالمنا الرقمي مع عالم جورج أورويل؟ منذ أن تفتح عينيك وتتصل بالإنترنت تبدأ مراقبتك، فالداتا تحل محل الأخ الكبير، وتتشابه الرغبة في السيطرة لديه مع شركات الداتا العملاقة، فلماذا ترى المؤسسات التكنولوجية العملاقة بياناتك كنزًا ثمينًا؟ وما تأثيرات العيش في عالم رقمي في إدراكنا ووعينا؟ أين ذهبت الخصوصية والمراقبة السياسية لتكنولوجيا المعلومات؟ وهل ستقودنا الداتا إلى عالم تسيطر عليه الآلات وتستعبد البشر؟
مؤلف كتاب الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية
مارك دوغان : كاتب صحفي وروائي ومخرج سينمائي فرنسي، ولد بالسنغال عام 1957م.
كريستوف لابي: مؤلف وصحفي بمجلة لوبون الفرنسية
معلومات عن المترجم:
سعيد بنݣراد | Said Bengrad: مفكر وباحث وأستاذ السيميائيات بكلية الآداب جامعة محمد الخامس أكدال بالرباط بالمغرب، وهو المدير المسؤول لمجلة “علامات”، وهي مجلة متخصِّصة في الدراسات السيميائية، نشر عديدًا من المؤلفات منها:
مدخل إلى السيميائية السردية.
البحث عن المعنى.
ومن ترجماته:
-أنا أوسلفي إذن أنا موجود.. تحولات الأنا في العصر الافتراضي.