الطب بعيدًا عن التفوق الدراسي
الطب بعيدًا عن التفوق الدراسي
على أي أساس يختار الشاب في السادسة عشرة من عمره قراره المصيري بدخول الطب؟ إن بحثنا عن الأسباب التي دفعت الأطباء إلى اختيار مهنة الطب، فسنجد بين الإجابات أشياء لا تجعل المرء مؤهلًا من الناحية العملية لخوض رحلة الطب، فبينما يجيبك أحدهم بأنه رأى أحد والديه يموت أمامه ولم يستطع إنقاذه، فقرر التعلم لإنقاذ حياة الناس، وآخر يخبرك بدخوله الطب لاكتشاف علاج للسرطان، وثالث بسبب صورة الطبيب التي رسمتها الشاشات في عقولنا، إن إيجاب اتخاذ قرار في سن صغيرة كهذه ليبني عليه الفرد عمره بالكامل يبدو قرارًا غير منصف أبدًا، كما أن الكليات الطبية لا تعبأ بقدرات المتقدم إلى مهنة الطب، هل لديه الاستعداد النفسي لرؤية الدم؟ وهل يستطيع التعامل مع الموتى بشكل يومي؟ هل يمكنه تحمل الضغط المستمر؟ وكيف سيخبر أهل المريض بوفاة المريض؟
لا تقيس الكليات الطبية هذه الأشياء، ولا تضع معايير لقبول الطلاب، ولا تكترث سوى لمعيار التفوق الدراسي والحصول على أعلى الدرجات، وغيرها من الأشياء التي لا تمُت للجانب العملي بِصِلة. وبعد التخرج في كلية الطب وقد شارف الطالب على إنهاء ربع قرن من عمره، يصل إلى المستشفى مُحملًا بأكوام من المعرفة النظرية التي يجب أن يطبقها على أرض الواقع، ليكتشف أنها لا تؤهله للاستعداد لما يواجهه أطباء الامتياز.
فبين فترات صباحية وأخرى مسائية، يبدأ طبيبنا رحلته في المستشفى، إذ ينبغي له أن يأتي في الصباح الباكر ليلتقي بفريق الأطباء لتفقد المرضى، يحاول أن يكتب كل ما يقوله الأطباء الأقدم منه، لعله يفيده لاحقًا، ثم بعدها يحاول إتمام المهام التي أوكلها إليه الاستشاريون، التي لا تتصل بشكل أو بآخر بمهنته كطبيب. وأما الفترة المسائية فهي الكابوس لكل الأطباء المبتدئين، إذ يُعطى لكل طبيب جهاز تنبيه صغير، يجعله هذا الجهاز مسؤولًا عن كل مرضى المستشفى، وما أكثر المرضى! تمنى وقتها طبيبنا لو علمه أحد كيفية الإبحار في هذه السفينة العملاقة التي تلتهمها النار، بدلًا من الإبحار وحيدًا وعن جهل.
الفكرة من كتاب هذا الكتاب سيؤلمك.. يوميات سرية لطبيب مبتدئ
قرر طبيب النساء والولادة “آدم كاي” بعد ست سنوات من التدريب وست سنوات أخرى قضاها في أزقة المستشفيات، أن يستقيل من عمله طبيبًا، فما السبب الذي قد يدفع طبيبًا -قطع فصلًا كبيرًا من حياته في المهن الطبية متنقلًا فيها، من طبيب امتياز مبتدئ يجري خلف الاستشاريين ذوي الخبرة ليتعلم منهم، إلى أن أصبح هو نفسه استشاريًّا كبيرًا يشرف على الأطباء المبتدئين- إلى أن يستقيل؟ وهل كان الأمر بهذه السهولة؟
يخبرنا “كاي” في هذا الكتاب -الذي كتبه بعد ست سنوات من مغادرته الطب- عن يومياته التي دوّنها في أثناء ممارسته للمهنة بين إخفاقات مُحتملة، ونجاحات دفعته إلى المزيد، إلى أن وصل إلى صدمة حالت بينه وبين الرجوع إلى المستشفيات مرة أخرى.
مؤلف كتاب هذا الكتاب سيؤلمك.. يوميات سرية لطبيب مبتدئ
آدم كاي: كاتب ومؤلف وكوميدي بريطاني وطبيب سابق، درس كاي الطب في كلية لندن الإمبراطورية وتخرج فيها، وعمل طبيبًا بين عامي 2004 إلى 2010، وكان تخصصه طب النساء والولادة، وترك المهنة بسبب صدمته في حادث حصل لإحدى مريضاته الحوامل، لينتقل بعدها إلى العمل في الكتابة.
له عدد من المؤلفات منها:
Kay’s Anatomy
How to Be a Bogus Doctor
Dear NHS: 100 Stories to Say Thank You
معلومات عن المترجم:
محمد الضبع: مترجم وشاعر سعودي من أصل يمني، عاش ودرس في مدينة جازان، وأنجز عديدًا من الترجمات الأدبية، كما له بعض المؤلفات منها:
اخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة.
أسباب للبقاء حيًّا.
المدينة الوحيدة.