الطبيعة الازدواجية
الطبيعة الازدواجية
هناك اختلاف كبير بين الجسيمات والموجات، فالجسيمات يمكن عدها وتحديد سرعتها ومكانها، بينما لا يمكن تحديد عدد الموجات أو موضعها، ولكن يمكن قياس ترددها، أي عدد مرات تكرارها خلال وحدة من الزمن، أو قياس طولها الموجي الذي يتناسب عكسيًّا مع التردد، إذًا هل من الممكن مع هذه الصفات المتناقضة بين الجسيمات والموجات أن نجد نقطة تقاطع؟
برغم التناقض الظاهر فإن كل شيء في الكون هو جسيم وموجة في الوقت نفسه، فموجات الصوت مثلًا مكونة من انضغاطات في الهواء تحتاج إلى وسط مادي لتنتشر وتتميز بالحيود عندما تصطدم بالعوائق، بينما الضوء مجال كهرومغناطيسي لا يحتاج إلى وسط للانتشار ويسير في خط مستقيم، وأُكِّدَت طبيعة الضوء الموجية بعد تجربة الشق المزدوج ليونج، فبدلًا من تكون ظل ناتج عن مرور الضوء خلال فتحتين في بطاقة، تكونت مناطق معتمة ومناطق مضيئة، ما أثبت أن الضوء يتكون من قمم وقيعان تداخلت في ما بينها، وهي نفسها مكونات وصِفات الموجات حصرًا.
وظهرت مشكلات في نموذج يُونج الضوئي حين حاول بلانك تفسير ظاهرة الطيف الضوئي الناتج عن تسخين المعادن، ولصياغة قانونه اضطر إلى وضع ما سماه (الكَمَّات) وهي جسيمات متذبذبة لها طاقة، ظن بلانك أنه سيتخلص من الكمات بشكل رياضي في ما بعد، ليأتي آينشتاين عام 1905م ويفسر التأثير الكهروضوئي من خلال وصف الضوء بأنه شعاع يحتوي على فوتونات (الكمات سابقًا)، فحين يُسلَّط الضوء على مادة ينتج عن هذا تحرير الإلكترونات منها إن كانت طاقة الفوتون أكبر من الطاقة اللازمة لتحرير الإلكترون، وواجه نموذج آينشتاين الرفض لفترة طويلة، لأنه هدم أسس الفيزياء الكلاسيكية.
وفي العام 1923م اقترح “دِي برولي” إمكانية أن تمتلك الجسيمات كذلك طبيعة موجية، وبالفعل تم إثبات الطبيعة الموجية للجسيمات من خلال ملاحظة حيود الإلكترونات عند مرورها عبر بلورة من النيكل، والحيود هو صفة موجية، ونستنتج من هنا أن للأجسام والموجات طبيعة ازدواجية، ولعلك تفكر الآن لماذا لا نرى الأجسام الكبيرة تحيد عن العوائق، والإجابة هي الطول الموجي، وذلك لأن للأجسام الكبيرة طولًا موجيًّا ضئيلًا، فلو تساءلت عن النسبة بين طولك الموجي والطول الموجي لعائق مادي، فإن الأمر يشبه مقارنتك بين المسافة بين ذرتين وقُطر المجموعة الشمسية.
الفكرة من كتاب كيف تعلم كلبتك الفيزياء الكمية
تتعامل الفيزياء الكمية مع العالم المصغر المختبئ داخل عالمنا المألوف الذي يخضع لقوانين خاصة تختلف تمامًا عن قوانين الفيزياء الكلاسيكية.
ولعلك الآن تتساءل عن العلاقة بين الفيزياء الكمية والكلاب؛ للكلاب أفضلية على البشر، فهي تنظر إلى العالم من دون توقعات مسبقة أو تصورات ثابتة، وهذا ما نحتاج إليه خلال رحلتنا لتعلم الكم.
إذًا هل يمكننا السفر من مكان إلى آخر في أجزاء أقل من الثانية؟ وهل توجد عوالم موازية لعالمنا؟ وهل يخضع العالم لقوانين ثابتة تتيح لنا التنبؤ بحركة كل أجسامه؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة الغريبة وغيرها الكثير.
مؤلف كتاب كيف تعلم كلبتك الفيزياء الكمية
تشاد أورزيل: بروفيسور في علم الفيزياء ومؤلف كتب علمية شهير، ولد في مدينة نيويورك، وعمل باحثًا في الفيزياء الكمية في جامعة ييل، ثم حصل على الدكتوراه في مجال الفيزياء الكيميائية من جامعة ميريلاند، اهتم تشاد بتبسيط المبادئ الفيزيائية لغير المتخصصين، وتُرجِمَ كتابه “كيف تعلم كلبتك الفيزياء الكمية” إلى أكثر من تسع لغات، وله عديد من المؤلفات العلمية منها:
How to Teach Relativity to Your Dog
Breakfast with Einstein: The Exotic Physics of Everyday Objects
معلومات عن المترجم:
موسى جعفر: مترجم لدى صفحة أخبار العلوم التي تعمل على ترجمة المقالات والأخبار العلمية المختلفة، ترجم كتاب “كيف تعلم كلبتك الفيزياء الكمية” ترجمة غير ربحية بالكامل.