الطبيب المريض
الطبيب المريض
ها هي صورة الأشعة المقطعية، كان التشخيص واضحًا، فالرئتان مغطاتان بعدد لا يحصى من الأورام، والعمود الفقري مشوَّه، مع تلف فص كامل من الكبد، إلى جانب انتشار السرطان على نطاق واسع، نعم جرَّاح أعصاب على مدى ست سنوات وقد فحص عشرات الصور المماثلة، نعم يمكنه مساعدة المريض، لكن هذه الأشعة كانت مختلفة، فهي صورة الأشعة الخاصَّة به!
أمسكت زوجته “لوسي” صورة الأشعة وسألته: “هل هناك احتماليَّة في رأيك لأن يكون هناك تشخيص آخر؟ وكان الجواب بـ”لا”، وبعد عناق طويل ومحاولة لتقبُّل الحقيقة، بدأت الحياة منحنى جديدًا، دروسًا تطبيقية للكشف عن أسرار الموت والحياة، وللكشف عن أسرار الحياة والعلاقات، هل يمكن أن يكمل مسيرته المهنية المتصاعدة وكونه جرَّاحًا مُتقنًا استطاع إنقاذ الكثير من الحالات الصعبة، وبدأت الدعوات من كل مكان تأتي له؛ أستاذًا جامعيًّا عريقًا يستطيع إعطاء المحاضرات بصورة شائقة، أم زوجًا وصديقًا؟
في فترة بعد تجربة العقاقير المختلفة تم الاستقرار على أحد العقاقير التي جعلت الحالة مستقرَّة نوعًا، وعاد بول لممارسة الجراحة كما كان سابقًا، وفعلًا أتم العديد من العمليات الجراحيَّة لكنه لم يكن بالسرعة التي اعتادها من نفسه، لكنه ناضل وثابر إلَّا أن المرض اشتدَّ وبدأ بالانتشار في أجهزته العضوية، فها هي الأشعة المقطعية الجديدة تصوِّر كيف غزا السرطان جسده، وكانت الغرفة هادئة، حين أخبرته زوجته “لوسي” أنها تُحبُّه، وأخبرها أنه لا يريد أن يموت، وإن كان يبدو أن فصلًا في حياته قد انتهى، وبدلًا من أن يكون يد العون التي تساعد المرضى على تغيير حياتهم، شعر بأنه شاه مشتَّتة، فعندما كان طبيبًا كان فاعلًا وسببًا للفعل، لكن الآن فهو مفعول به لفعل ما، فالمرض الخطير لا يُغيِّر الحياة فقط، بل يدمِّرها كذلك، وكان الحل الوحيد هو التكيُّف مع الأمر.
الفكرة من كتاب عندما تتحول الأنفاس إلى هواء
ما الذي يجعل للحياة مغزى وجدوى، إذا كانت جميع المخلوقات ستُنفى في النهاية؟ ولماذا يصبح الإنسان مُجرد اسم حين يتذوَّق الموت؟ وما قبل الموت.. المرض، الألم، الحُزن..
في هذا الكتاب سيرة ذاتية لطبيب شُخِّص بسرطان الرئة وصار مُعرَّضًا للموت، بعد أن كان يُعالِج الذين يصارعون الموت، ويمر بمراحل تحوُّل الطبيب من طالب طب ساذج أسير -على حد تعبيره- إلى طبيب، فيصير جرَّاح أعصاب يتعامل مع المخ، وأبًا وزوجًا يتعامل مع الحياة.
مؤلف كتاب عندما تتحول الأنفاس إلى هواء
بول كولانثي Paul Kalanithi: جرَّاح أعصاب وكاتب، وُلد عام 1977، تخرج في جامعة ستانفورد بدرجة البكالوريوس في علم الأحياء البشرية، وبالماجستير في الأدب الإنجليزي، ثم حصل على درجة الماجستير في تاريخ وفلسفة العلوم والطب من جامعة كامبريدج، ثم تخرج بتقدير امتياز في كلية الطب بجامعة ييل.
وفاز بجائزة الأكاديمية الأمريكية لجراحة الأعصاب وهي أعلى جائزة في ذلك المجال، ثم عاد إلى ستانفورد للتدريب على جراحة الأعصاب وللحصول على زمالة ما بعد الدكتوراه في علم الأعصاب، ألَّف أكثر من عشرين منشورًا علميًّا وحصل على أعلى جائزة للأكاديمية الأمريكية للجراحة العصبية.
توفي بول في عام 2015 بعد تشخيصه بسرطان الرئة، وكان ذلك سبب تأليف كتابه “عندما تتحوَّل الأنفاس إلى هواء”.