الطاعون يزحف شمالًا!
الطاعون يزحف شمالًا!
من جنوبي فرنسا وعبر الطرق التجارية الرئيسة بدأ الموت الأسود يزحف شمالًا، وكانت فرنسا تحتوى على أكبر عدد من المماليك المسيحية، وكان الشاطئ الشمالي منها يشكل جزءًا من السهل الأوروبي العظيم، الذي يُعد واحدًا من أضخم نطاقات القمح في العالم بأكمله.
ومثلما عصف الموت الأسود بالمناطق الشمالية والوسطى من إيطاليا، فكذلك كان الحال في ريفها، كقرية جيفري بمقاطعة برجنديا واحدة من المناطق القليلة في أوروبا التي أصبح معدل الموتى فيها قرابة الخمسين بالمائة من السكان، وكان يوجد في شمالي فرنسا مدن كثيرة مهمة أصبح الموت الأسود فيها أشد فتكًا مما هو في ريفها؛ ففي كان وروان تراوحت نسبة الموتى بين أربعين وخمسين بالمائة، وحلَّ الموت بباريس في أواخر الربيع من عام 1348 ميلاديًّا.
وكانت باريس كبرى المدن في شمالي أوروبا، ومثلما كان الحال في نورماندي، فقد تصاعدت نسبة الموتى بها خلال أشهر الصيف الحارة، مما يوضح أن طاعونها من النوع التعفُّني، ووصل عدد الموتى إلى ذروته في أواخر الخريف وبداية الشتاء، ويتضح من مؤشراته أنه رئوي، ووصل عدد الضحايا يوميًّا إلى ثمانمائة ضحية، ومن شمالي فرنسا زحف الطاعون إلى بيكاردي، ومنها إلى البلاد القريبة، وكان الكثير من أساتذة كلية السوربون الطبية يدركون تمامًا أن الموت الأسود كان أشد فظاعة في البلاد، لذلك كانوا ينصحون بالهرب إلى الريف لأن نسبة الموتى في المناطق الحضارية بأواسط إيطاليا جاوزت حاجز الخمسين بالمائة، في حين أنها لم تجاوز في بعض الأرياف بجنوبي فرنسا حاجز الثلاثين بالمائة.
ومع ذلك كانت اسكندناوة تمتلك نسبة عالية من ضحايا الموت الأسود على الرغم من كونها تتميز بطابع ريفي فريد من نوعه، مع كثافة سكانية منخفضة، وذلك بسبب ما كان يسودها من مناخ شمالي بارد يهيئ بيئة مناسبة للأمراض الرئوية، ومن ثم للطاعون الرئوي، وقد وصل إليها الموت الأسود في مايو / أيار عام 1349 ميلاديًّا عبر ميناء برجن بالنرويج، وكانت برجن واحدة من كبرى مدن اسكندناوة، وصل إليها الموت عن طريق طاقم إحدى السفن القادمة إليها.
الفكرة من كتاب الموت الأسود
الموت الأسود أو الموت العظيم سلسلة من الطواعين الدُّملية والرئوية والتعفُّنية التي اجتاحت العالم الغربي، فقضت على ما يقرب من ربع سكانه إلى نصفهم، وكانت السبب في متغيِّرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وتملَّك الناس خوف وحيرة من وباء يصعب تفسيره، ولا يتوافر علاج ناجع له.. من مداخل متعدِّدة تاريخية واجتماعية وفلسفية وطبية، يتناول هذا الكتاب موضوع الموت الأسود.
مؤلف كتاب الموت الأسود
روبرت ستيفن جوتفريد Robert Steven Gottfried: كاتب، وكان منشئ منازل أمريكيًّا ومطورًا ورجل أعمال عقاريًّا.
له العديد من المؤلفات، ومنها:
– Doctors and Medicine in medieval England.
– Bury st. Edmunds and the urban crisis.