الضحك والمُزاح والبكاء في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم)
الضحك والمُزاح والبكاء في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم)
الضحك هو تعبيرات ظاهرية على وجه الإنسان تظهر فيها أسنانه، وتعبِّر عن سعادته الشديدة، وهي ثلاث: الضحك بصوت لكن قليل، والتبسُّم دون صوت، والقهقهة بصوت مرتفع، وكان الرسول يتبسَّم لمن حوله ببشاشة ولم يضحك مقهقهًا أبدًا، ونهانا عن كثرة الضحك لأن كثرته تؤدي إلى الغفلة عن الله، واقتداءً بالنبي (صلى الله عليه وسلم) أن يلازم الإنسان بشاشة الوجه ويبتسم لمن حوله ونضحك في المواقف التي تثير الضحك دون الإكثار ودون صوت مرتفع، ليحافظ المسلم على وقاره، وألا نتخذ من الأناسي أضحوكة أو استهزاءً للضحك على ما فيهم وإحراجهم، فعن عبد الله بن الحارث قال: “ما رأيت أحدًا أكثر تبسُّمًا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)”.
وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) أيضًا يُمازح أصحابه من وقتٍ إلى آخر ويُلاعب الأطفال، لكنه اتبع عدة أمور في مزاحه، مثل أن يقول مزاحًا مقبولًا للآخرين دون إحراجهم أو إهانتهم ولا كذب فيه وألا يُخيف به أحد، فقال (صلى الله عليه وسلم): “لا يحلُّ لرجُلٍ أن يُروِّع مسلمًا”، وقد مازح النبي أصحابه مثل سيدنا أبي بكر الصديق وسيدنا عمر بن الخطاب، ومن الأطفال أبو عُمير أخو أنس بن مالك وواساه في موت النُّغير الخاص به، وكان يُمازح نساءه والفقراء ومن يريدون التقرب منه.
كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يبكي أحيانًا بصوت غير مسموع أثناء الصلاة، فعن مطرفٍ عن أبيه قال: “أتيتُ النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المِرْجل”، أي يبكي بشدة، وبكى أيضًا وقت الخسوف وعند سماعه للقرآن، وكان يبكي لموتٍ أحدٍ، فقد بكى وقت استشهاد حمزة بن عبد المطلب، ونهى عن الصراخ الشديد، وأمرنا أن نبكي وإلا فلنتباكى على الذنوب ندمًا ومن خشية الله أيضًا، وعند قراءة أو الاستماع للقرآن، فعنه (صلى الله عليه وسلم): “ابكُوا، فإن لم تبكوا فتباكوا”.
الفكة من كتاب المأدبُة النبوية في آداب الحياة اليومية
هذا الكتاب يدور حول النواحي البشرية واليومية للرسول (صلى الله عليه وسلم) وآداب معيشته من مأكله ومشربه وملبسه وسلوكياته جمعاء، فعند دراسة حياة أحدهم -ورسول الله ليس كأي أحد من الخلق فهو خير الخلق وأكملهم- يجب على المرء أن يُعايشه كُليةً، ولأننا أُمِرنا بأن نتخذه أسوة حسنة في حياتنا كما قال الله (عز وجل): ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (سورة الأحزاب: 21) وجب دراسة سيرته بأكملها ومعايشتها، وبمعنى أدق تناول علم الحديث بأكمله من أفعال وأقوال وسلوكيات نبي الله حتى نتربى على نهجه ونتعلم بوصاياه وننتهي عما نهانا عنه، بل أيضًا نربح ثمرة الاقتداء بنبي الله واتباعه ونُحسن تعليم خُلُقه، فحين سُئلت السيدة عائشة عن خلق الرسول (صلى الله عليه وسلم) قالت: “كان خُلُقُه القرآن”، فها هي سيرة رسول الله العطرة التي لا يُعايشها مسلم إلا ويخرج منها مُهذَّب النفس والخُلق وحسن السلوك.
مؤلف كتاب المأدبُة النبوية في آداب الحياة اليومية
مصطفى كوندو غدو وُلد في غرب تركيا، التحق بكلية الإلهيات، وبعد تخرُّجه انشغل بالعلوم والتجارة فترة، ثم أنهى الماجستير في علوم الحديث بكلية الإلهيات جامعة صقاريَا، ويعمل في دار “إِشقْ” للطباعة والنشر والتوزيع.