الصين على خُطى اليابان!
الصين على خُطى اليابان!
تعد اليابان منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى هزيمتها في الحرب العالمية الثانية مصدر إلهام للصين، حيث تحولت اليابان في ذلك الوقت إلى قوة عظمى، عن طريق إقامة المشروعات الكبيرة والبنى التحتية، وزيادة الإنتاجية الزراعية، وقد تعلمت الصين -أيضًا- من تاريخ اليابان في أثناء هذه الفترة عدَّة دروس منها: أنه رغم اعتداء الدول الغربية على اليابان؛ فإنها استطاعت أن تبني نفسها وتصبح قوة عظمى.
فبعد اكتمال “ثورة ميجي” عام 1918 كان الجيش الياباني في خدمة الحكومة، ومن ثم في خدمة التنمية وجميع الأنشطة المتعلقة بالتصدير، مما جعل المجتمع الياباني ككل في خدمة قطاع التصدير، وقد أدى ذلك إلى قيام “رأسمالية شمولية يابانية”، لكن ما أخطأت فيه اليابان في هذه الحِقبة قد تعلمت منه الصين، وهو أن الاستحواذ على أسواق التصدير كان يمكن أن يتم عن طريق الوسائل السياسية النقدية بدلًا من الوسائل العسكرية التي أدت إلى هزيمة اليابان في نهاية المطاف، كما أنه رغم هزيمة النظام الياباني (العسكري الشمولي) في الحرب العالمية الثانية؛ فإن هذه الهزيمة من وجهة نظر الصين لا تعني فشل هذا النظام في بقية دول العالم.
وإلى جانب ذلك كانت قدرة اليابان على بناء نفسها بسرعة ما بين عام 1945 وعام 1985، وتحقيقها فوائض تجارية كبيرة في مواجهة الدول الغربية، من الأمور التي أثارت إعجاب الصين، حيث اعتمدت اليابان خلال تلك الفترة على عناصر رئيسة ثلاثة -قد استفادت منها الصين بعد ذلك- وهي: انخفاض مرتبات وأجور الموظفين والعاملين رغم الزيادة في النمو الاقتصادي الياباني، مقارنة بالمرتبات والأجور في الدول الغربية، فأدى ذلك إلى ندرة الادخار في اليابان، كما أنها خفضت سعر الفائدة، مما أدى إلى التشجيع على زيادة الاستثمارات في الشركات، كما أنها خفضت سعر صرف العملة اليابانية “الين” عن طريق مراقبتها لأسعار الصرف، ثم قامت بعد ذلك بما يعرف بـ”التعويم القذر”، حيث يتدخل البنك المركزي الياباني من أجل جعل قيمة سعر صرف “الين” منخفضًا عن “الدولار” بنسبة ثابتة حتى لو كان سعر صرف “الين” أعلى في الحقيقة!
الفكرة من كتاب التوجه الصيني نحو الهيمنة العالمية.. الإمبريالية الاقتصادية
يشهد العالم حاليًّا وخلال السنوات القليلة الماضية صراعًا سياسيًّا واقتصاديًّا بين جمهورية الصين والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الهيمنة العالمية، والواقع الحالي يشير إلى أن الصين تخطت الاقتصاد الأمريكي الذي كان يعادل ثلاثة أضعاف الاقتصاد الصيني منذ أكثر من عشر سنوات!
حيث ظن الجميع عندما تبنَّت الصين النظام الرأسمالي خلال النصف الثاني من القرن العشرين أنها سوف تتجه ولا ريب نحو الديمقراطية، لكنها على عكس المتوقع أقامت نظامًا خاصًّا بها وهو “الرأسمالية الشمولية” الصينية في مواجهة “الرأسمالية الديمقراطية” الغربية.
مؤلف كتاب التوجه الصيني نحو الهيمنة العالمية.. الإمبريالية الاقتصادية
أنطوان برونيه : كاتب اقتصادي فرنسي، وعضو مركز دراسات الاقتصاد الكلي والتحويل الدولي، حاز جائزة أفضل الاقتصاديين في السوق الباريسية، ويدير حاليًّا مؤسسة (A.B.) للأسواق.
جون بول جيشار : اقتصادي فرنسي، وعضو مركز دراسات الاقتصاد الكلي والتحويل الدولي، ويشغل منصب أستاذ الاقتصاد في جامعة نيس الفرنسية، إلى جانب شغله منصب أستاذ محاضر في برنامج “جون مونيه” للاتحاد الأوروبي.
من أبرز مؤلفاتهما:
Du tsarisme au totalitarisme
L’Etat-parti chinois et les multinationales
Précis D’histoire De La Civilisation Occidentale
معلومات عن المترجم:
عادل عبد العزيز أحمد: مترجم مصري، تخرج في كلية التجارة جامعة الأزهر قسم الاقتصاد، وحصل على درجة الماجستير من جامعة باريس في التجارة الدولية، ودرجة الدكتوراه من جامعة نيس الفرنسية، ويعمل حاليًّا مستشارًا اقتصاديًّا في مكتب بيتكوم باريس، ورئيسًا للجمعية الأورومتوسطية للتنمية المستدامة في مصر ومقرها باريس، وله العديد من الأبحاث والمؤلفات والكتب المترجمة.