الصهيونية والمسألة اليهودية
الصهيونية والمسألة اليهودية
هناك الكثير من الخلط حول العلاقة بين اليهودية والصهيونية، فاليهودية ديانة سماوية بخلاف الصهيونية التي لا تعدو أن تكون حركة سياسية في الأساس اتخذت من الشعائر التوراتية ستارًا تواري به سوأتها، فاليهود ليسوا أمة واحدة، بل إن بينهم الكثير من الاختلافات المذهبية التي أثَّرت بدورها في نظرتهم إلى الحركة الصهيونية، فهناك المؤيدون، وهؤلاء قد تختلف نواياهم من اعتناق للفكرة الصهيونية تبعًا لمبادئ عقدية إلى الطمع في تحقيق مصالح خاصة، والرافضون، وهذا الرفض قد يتخذ أيضًا شكلًا عقائديًّا أو فكريًّا، أو التمُّلص منها، وأحيانًا يصل الأمر إلى انتقادها، وغير المكترثين، وهذا هو الموقف السائد لكبار مثقفي اليهود، فهم يرون أن الصهيونية لا تعنيهم في شيء.
وبمزيد من التحليل نجد أن “الصهيونية” مجرد فكرة جندتها الدول الغربية، بعدما تقلَّص دور الجماعات اليهودية الوظيفية في دولهم القومية كنتيجة لتطور المجتمعات واختصاص الدول بالوظائف التي كانت يومًا ما حكرًا على اليهود، لا سيما بعد قضية الإصلاح الديني ونشأة النظام المصرفي الحديث وتطوُّر سبل التجارة الدولية، بل زاد الأمر حين أضحى ضرر اليهود أكبر من نفعهم، كما ساعدت بعض الظروف التاريخية والمعطيات الحضارية على توسيع رقعة تأثير الفكرة الصهيونية، ولا ننسى دور الإمبريالية الغربية التي مهَّدت الطريق على نحو كبير، وعملت على زرع الصهيونية وتحويلها من مجرد فكرة إلى واقع متجذِّر.
ومن هنا كان الحل الوحيد المطروح وفقًا للعقلية الاستعمارية هو العمل على إخراج تلك الجرثومة اليهودية خارج دولهم، وتسخيرهم لخدمة مصالحهم الخاصة، واتجَّهت الأنظار إلى الإمبراطورية العثمانية التي كان يطلق عليها في ذلك الوقت “الرجل المريض”، فبدأت عملية تقسيم الكعكة العثمانية بين الدول الغربية العظمى، والبحث عن مكان استراتيجي “فلسطين” لتوطين الفائض البشري اليهودي، وخلق وظيفة جديدة لهم تمثَّلت في خدمة المصالح الغربية.
الفكرة من كتاب مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي
“السياسة لا تعرف الأصدقاء الدائمين، ولا حتى الأعداء الدائمين، ولكن فقط تعرف المصالح الدائمة”!
يعد هذا الكتاب تشريحًا للعقلية الإمبريالية الغربية، كما يعد في الوقت ذاته سجلًّا يتناول الجذور التاريخية للصراع العربي الإسرائيلي ويحلِّل المعطيات والأسباب والنتائج التي أسهمت في نشأة الحركة الصهيونية، كما يتعرَّض بالنقد للمبادئ الحاكمة للمسألة اليهودية، ويلقي الضوء على سياسات الدول العظمى وكيف تتم صياغة العلاقات بين الدول.
مؤلف كتاب مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي
عبد الوهاب المسيري: كاتب ومفكر عربي، وُلد في دمنهور 1938، حصل على درجة الماجستير عام 1964 (من جامعة كولومبيا)، ثم على درجة الدكتوراه عام 1969 من جامعة رَتْجَرز Rutgers ، كما عمل أستاذًا زائرًا في أكاديمية ناصر العسكرية، وجامعة ماليزيا الإسلامية، وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970 – 1975)، ومستشارًا ثقافيًّا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975 – 1979)، تُوفِّي فجر يوم الخميس الموافق 3 يوليو/تموز 2008 بمستشفى فلسطين بالقاهرة عن عمر ناهز السبعين عامًا بعد صراع طويل مع مرض السرطان.
ومن أهم أعماله: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية.. نموذج تفسيري جديد (ثمانية مجلدات)، ورحلتي الفكرية.. سيرة غير ذاتية غير موضوعية، وفي البذور والجذور والثمار، والعلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة (جزءان).