الصهيونية.. حجر الأساس
الصهيونية.. حجر الأساس
رغم نجاح الهسكالاه في غرب أوربا فإنها جوبهت بمقاومة شرسة في شرقها، إذ خشي بعض اليهود المحافظين أن الاندماج في المجتمعات من شأنه أن يؤدي إلى ذوبان الشخصية اليهودية وفقدان نقائها، أما الطرف الآخر فقد حلم بأن يكون جزءًا من إحدى القوميات الكبرى التي غطت أوربا، وفي ظل هذا التجاذب ظهر رد فعل راديكالي تمحور حول فكرة جمع كل اليهود بهدف خلق قومية يهودية لها أرضها الخاصة في ما عرف بعد ذلك بالحركة الصهيونية، وهكذا أصبحت الصهيونية الحل الأمثل في ما يخص المستقبل اليهودي، لكن لماذا وقع الاختيار على فلسطين بالذات؟
بالطبع لم تلعب الأشواق الدينية دورًا هنا، فأبواب فلسطين كانت مفتوحة على الدوام ورغم ذلك لم تكن قبلةً للهجرات اليهودية الطوعية التي بدأت في القرن السادس عشر، كذلك لم تكن قبلة اليهود الفارين من الاضطهاد النازي، بل كان اختيار فلسطين لأسباب استعمارية صِرفة وفق ما حلمت به الطموحات الإمبريالية البريطانية حينئذٍ.
وقد قام الفكر الصهيوني في الأساس على فرضية امتداد التاريخ اليهودي إلى زمن موغل في القدم، ومن ثم فإن اليهود يشكلون -وفقًا لتلك المسلمة- كيانًا واحدًا ممتدًّا في الزمان والمكان، هذا يعني أنهم -خلافًا للجنس البشري بأكمله- تغلبوا على قوانين الطبيعة والتطور وحافظوا على امتداد حضاري مباشر وغير منفصل لليهود القدامى، كما يعني أيضًا أنه لا بد أن يوجد ما يربط بين اليهود في جميع أنحاء العالم مهما تباينت الظروف المحيطة بهم، هل الأمر كذلك فعلًا؟
الفكرة من كتاب سيكولوجيا المحارب الإسرائيلي: هكذا يفكرون.. هكذا يستعدون
يحكي الكتاب باختصار تاريخ الشخصية اليهودية من ثقافة الجيتو | Ghetto التي فرضت عليها العزلة عن باقي المجتمعات، ثم التمرد على تلك الثقافة والمحاولة الفاشلة للتماهي في المجتمع لتتمخض عن ظهور حركة الصهيونية.
سعت الحركة الصهيونية إلى إقناع اليهود أن العالم شرير وأن العزلة هي الحل الأمثل لحماية الشعب اليهودي المختار من براثنه، لذلك انتهجت سياسة تعسفية تجاه مواطنيها عمدت إلى إنشاء الكيبوتسات لعزل الأطفال عن آبائهم وأمهاتهم لتتأكد أن القومية الإسرائيلية لن تحل محل القومية اليهودية، ومن ثم لن يسعى أي جيل يهودي إلى السلام.
مؤلف كتاب سيكولوجيا المحارب الإسرائيلي: هكذا يفكرون.. هكذا يستعدون
أسامة عكنان: كاتب وباحث سياسي فلسطيني أردني، وُلد في مدينة نابلس عام 1970م، وحصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 2003م، ويعمل حاليًّا أستاذًا مساعدًا في قسم العلوم السياسية في جامعة مؤتة الأردنية، اشتهر بكتاباته النقدية للفكر الصهيوني والسياسة الإسرائيلية، وقد نشر عديدًا من الكتب والمقالات في هذا المجال، منها:
الفكر الصهيوني: جذوره وتطوره.
إسرائيل: القوة والضعف.