الصلاة.. المعنى وما وراءه
الصلاة.. المعنى وما وراءه
ارتبط لفظ الصلاة في الأذهان طويلًا بمعنى الصلة، أي الصلة التي تربط بين الإنسان وربه، لكن هذا الفهم ليس ما فهمه العرب، وقد اشتمل الأصل اللغوي للكلمة على عدة معانٍ لغوية، وإذا وَسَّعنَا دائرة النظر فيها فيمكننا الوصول إلى معانٍ أوسع وأرحب، أحدها معنى الدعاء بالخير والخير فقط، وأنه عندما يدعو الإنسان لتحقيق شيء معين فإنه يدعو لتحققه في إطار قضية أكبر، ويكون معنى إقامة الصلاة هو إقامة الخير واستدامته، معنى آخر هو اللزوم، أي الثبات والبقاء في المكان، ومعنى ذلك أنك لن تكتمل إلا بما يلزمك تحقيقه للاقتراب من هذا الكمال، وأن لزوم الوضع المعين يكون حتى بعد ختم الصلاة فيصحبك حالك في الصلاة إلى خارجها، ومن معاني الصلاة أيضًا الاحتراق، فَصَلَى الشيء أي أنضجه، وكأن الصلاة تنضج الملتزم بها مع ما يصاحب ذلك من ألم التحوُّل للوصول إلى النتيجة المرجوَّة، ومنها أيضًا ما يحيط بعظام العصعص التي تحمل البدن كله، فتكون الصلاة بمثابة القاعدة الثابتة القوية التي يتكئ عليها الإنسان.
ومعنى الإقامة المصاحب دائمًا للصلاة في سور القرآن لا يعني فقط استدامة الفعل واستمراره إنما يحمل أيضًا معنى التشييد والبناء، والفرق بينه وبين معنى الأمر المباشر بالصلاة الوارد في سورة الكوثر أن الأمر المباشر كان خاصًّا بنماء شخصيٍّ ومرتبطًا بشخص النبي الكريم (صلوات الله عليه وسلامه)، وهو الذي مهَّد له بعد ذلك أن يحقِّق النماء الجماعي المرتبط بإقامة الصلاة؛ إقامة الأمة والجماعة.
كما أن القيام بالأمر عكس القعود والتكاسل وعدم الفعل، واستمرار إقامة الصلاة يوميًّا طيلة حياة المسلم كأنه دورة تدريبية مكثفة وعلى مدى طويل في الآن نفسه، وتسهم الثقة للمحافظ على حضورها وفي كامل انتباهه لها في ضمان أن الاستمرارية هي الحل الوحيد، وأنه مرتبط بأمر أعظم بكثير يجب العمل عليه دون توقف، وهذا الأمر مرتبط باستخلاف الله له في الأرض.
الفكرة من كتاب المهمة غير المستحيلة الصلاة بوصفها أداة لإعادة بناء العالم
“كان من المؤلم جدًّا أن الناس لا يصلون.. ولكنه كان من المؤلم أكثر، أنهم إذا صلوا، ربما لا يتغيرون..”!
يهدف الكاتب في هذا الكتاب إلى توضيح دور الصلاة ليس فقط لكونها شعيرة أساسية للدين، وإنما تمتد لتشمل حياة الفرد المسلم كلها، والتي إذا تم تطبيقها كما شرعها الله (عز وجل) فإنها سوف تحدث تغييرًا شاملًا في حياة الفرد والأمة.
مؤلف كتاب المهمة غير المستحيلة الصلاة بوصفها أداة لإعادة بناء العالم
الدكتور أحمد خيري العمري: طبيب أسنان عراقي المولد، صدر له العديد من المؤلفات التي تقدم رؤية جديدة تتجاوز الجمود السائد وتتحفَّظ ضد التجديد المنحل، ومن أهمها: “البوصلة القرآنية”، و”استرداد عمر من السيرة إلى المسيرة”، وسلسلة “كيمياء الصلاة”، بالإضافة إلى بعض الأعمال الروائية مثل “كريسماس في مكة”، و”بيت خالتي”.