الصفات الجوهرية للنظرية التربوية الإسلامية
الصفات الجوهرية للنظرية التربوية الإسلامية
يتصف المبدأ الأعلى الأول الذي تقوم عليه النظرية التربية الإسلامية بالثبات والاستقلال والحياة والإبداع، فيجب أن يكون التكوين التربوي ثابتًا لا يتزلزل، ويجب التفريق بين نوعين من الثبات: “الثابت الجامد” الذي لا أثر للروح فيه، فلا يجب التمسك به لأنه ضار بالعملية التربوية، وهناك “الثابت الراسخ” الذي هو ثمرة الاشتغال على العمل التربوي، بالإضافة إلى أن هذا الثبات للمكون التربوي يحتوي على متغيِّر غير مقيم، وهذا المتغير غير المقيم على نوعين: “المتغير المتحرك” الذي ينتهي وجوده بانتهاء وظيفته، و”المتغير القَلِق” غير محدد الوظيفة.
والاستقلال الذي يجب أن تتمتع به النظرية التربوية يدفعنا إلى التمييز بين ضربين من الاستقلال: “الاستقلال الانفصالي” الذي يمنع من تحقيق أي تواصل أو تفاعل مع أي عنصر آخر، و”الاستقلال الاختصاصي” الذي يحتوي إمكانات التفاعل والتواصل مع عنصر مختص آخر، حيث تأتي خصوصيته من مصدره أو شكله أو زمنه أو محله، فاختصاصه لا يعني الإقصاء أو الانعزال.
كما أن تمتُّع النظرية التربوية بالحياة، يجعلها تحافظ على السمات الجوهرية لمضمونها أمام التقلبات المستمرة، كما تحافظ على الفاعلية والتواصل لخلق حركية إنتاجية دائمة، ولا يكفي أن تكون النظرية التربوية حية، بل لا بدَّ من وجود الإبداع فيها، حيث إن الإبداع يكسر كل تقليد، ويفتح آفاقًا للخيال لتصوُّر نظائر قريبة أو بعيدة، وبدائل لما ورَّثه التقليد لا تتأثر بالحداثة الغربية ولا تجري على سننها.
الفكرة من كتاب من الإنسان الأبتر إلى الإنسان الكوثر
تعرضت مفاهيم تربوية كثيرة وأحكام دينية للتحريف والتحوير، حتى أصبح المُسلم المعاصر يُسلِّم بوعي أو دون وعي للمفاهيم الحداثية (العَلمانية) أو (العلموية) وغيرهما، وبناءً على ذلك يرى طه عبد الرحمن بوجوب قطع الصلة بذهنية “الإنسان الأبتر” مقطوع العطاء، معطل الإرادة، المنقطع عن تراثه ولغته ودينه، وإنشاء ذهنية “الإنسان الكوثر” كثير الخير، دائم العطاء، المتواصل مع تراثه ولغته ودينه، وذلك عن طريق تأسيس نظرية “فلسفية تربوية إسلامية” تقوم على العقل المؤيد الموصول بالشرع، والمسدد بمقاصده الشريفة، الناتجة عن تفاعل اللغة والعقيدة في عقل المسلم، واضعة نصب أعينها أن كل منقولٍ حداثي مُعترَض عليه حتَّى تُعاد صِلته بالحقيقة الدينية.
مؤلف كتاب من الإنسان الأبتر إلى الإنسان الكوثر
الفيلسوف المغربي المجدد طه عبد الرحمن، متخصِّص في علم المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق، أحد أبرز الفلاسفة والمفكرين منذ سبعينيات القرن الماضي، كتب عشرات الكتب، منها: “العمل الديني وتجديد العقل”، و”سؤال الأخلاق”، و”روح الحداثة”، و”بؤس الدهرانية”، وغيرها.