الصراع بين وزارة علي ماهر ومجلس قيادة الثورة
الصراع بين وزارة علي ماهر ومجلس قيادة الثورة
مرت العلاقة بين وزارة علي ماهر ومجلس قيادة الثورة بمراحل مختلفة، بدأت بالتحفُّظ حتى انتهت بالشقاق التام، وبدأ هذا الصراع بخلاف على تقييد إجراء انتخابات مجلس النواب بموعد محدد، فمجلس قيادة الثورة رغب في تحديد موعد الانتخابات في فبراير 1953 وعلي ماهر رأى عدم التقيُّد بموعد ومن هنا بدأ التحفُّظ بين الفريقين.
ثم كان مشروع قانون الإصلاح الزراعي وما دار حوله من خلاف، حيث أقر علي ماهر المشروع في البداية بطلب من الجيش ثم ما لبث أن أصابه التردُّد في تنفيذه حينما رأى رد فعل ملاك الأراضي الزراعية، وظل الأمر يدور بين الاتفاق على إمضاء القانون والتردُّد في ذلك حتى ازدادت شكوك رجال الجيش في علي ماهر، وكان سليمان حافظ في هذا كله يسعى للإصلاح بين الفريقين بكل ما يملك ولكن لم يحالفه التوفيق.
ولم يتوقع علي ماهر عند تشكيل حكومته إثر حركة الجيش أن تتحوَّل هذه الحركة إلى انقلاب أو أن يتم خلع الملك تمامًا، ولذا شكَّل الحكومة على عجل وتولَّى فيها أخطر الوزارات وكان من أكبر وزرائها عدد من أصحابه المقربين، وكان من اللازم حدوث تعديل وزاري لدعم حكومته في مواجهة التحديات الجديدة، ولكن علي ماهر تباطأ في هذه التعديل، وحتى حينما اتفق مع مجلس القيادة على التعديل، خالف الاتفاق وغيَّر في التشكيل المتفق عليه.
وعندها حدث اعتقال زعماء الأحزاب من قبل مجلس قيادة الثورة وكانت استقالة علي ماهر حتمية، وهكذا قضى هذا الخلاف الأخير على أي فرصة للتعاون بين علي ماهر ورجال الجيش، وكان لزامًا التفكير فيمن يخلفه في الوزارة.
الفكرة من كتاب ذكرياتي عن الثورة
دائمًا ما يُنظر في التاريخ إلى من يتصدَّرون المشهد في الأحداث الكبرى، وفي هذه الفترة الحرجة في تاريخ مصر -ثورة يوليو- كانت هذه العناية في النظر التاريخي من نصيب الضباط الأحرار بشكل أساسي ومن اشتبك معهم بدرجة أقل.
وممن أُغْفِل دورهم في هذه الفترة هو سليمان حافظ خبير القانون الذي حمل على عاتقه صبغ أعمال الثورة وتصرفات الضباط الشباب بالشرعية القانونية، بالإضافة إلى ما أنيط به من مهام محورية في أحداث الثورة وما أعقبها من تحديات، ومن هذه المهام مشاركته في كتابة وثيقة تنازل الملك فاروق عن العرش وحملها إليه لتوقيعها. وفي هذه المذكرات، يُطلعنا سليمان حافظ على بعض أحداث هذه الفترة العصيبة عن قرب، ويعرض فيها مواقفه وآراءه ليحاسب نفسه أولًا ثم ليحاسبه التاريخ.
مؤلف كتاب ذكرياتي عن الثورة
سليمان حافظ علي: نائب رئيس مجلس الدولة المصري عند قيام ثورة 23 يوليو، وُلد بالإسكندرية عام 1896، وحصل على ليسانس الحقوق من الجامعة المصرية عام 1920.
عمل في بداية حياته في المحاماة قبل أن يدخل السلك القضائي، ثم انتقل إلى مجلس الدولة عام 1949، وتولَّى مناصب مهمَّة إبَّان الثورة منها المستشار القانوني لرئاسة مجلس الوزراء في وزارة على ماهر، ونائب لمحمد نجيب في وزارته ووزير للداخلية، كما تم ترشيحه لتشكيل الوزارة خلفًا لعلي ماهر ولكنه رفض.