الصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين

الصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين
بدأ الصراع الجيوسياسي بين أمريكا والصين في عام 2018م على يد دونالد ترامب، وسوف يستمر لعقود قادمة، فرغم الخلافات السياسية في الولايات المتحدة، يوجد إجماع على أن الصين تمثل تهديدًا كبيرًا للولايات المتحدة الأمريكية، إذ تسعى الصين وروسيا إلى تشكيل عالم يتوافق مع نموذجيهما الاستبدادي، ورغم أن المؤسسات الأمريكية كانت تدعم ترامب في توجهاته نحو الصين، فقد ارتكبت خطأً استراتيجيًّا كبيرًا بهذا التوجه، وقد لاحظ ذلك “هنري كيسنجر”، ففي غداء بمدينة “مانهاتن | Manhattan” في مارس عام 2018م، ألمح إلى أن الولايات المتحدة تفتقر إلى استراتيجية طويلة المدى تجاه الصين، وعلى العكس من ذلك، فكرت الولايات المتحدة مليًّا قبل الدخول في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي، وكانت قد وضعت استراتيجية طويلة المدى لاحتوائه، وهو ما لم تفعله الولايات المتحدة حتى الآن لاحتواء الصين.

إن الخطوات الأولى لصياغة استراتيجية طويلة المدى ناجحة تكمن في صياغة الأسئلة الصحيحة، لأن الأسئلة غير الصحيحة تُنتج إجابات خطأ. بدايةً حصة الولايات المتحدة الأمريكية من الناتج الإجمالي العالمي تقترب من 50% بنهاية الحرب الباردة، وكان الإنفاق العسكري الأمريكي باهظًا ومنطقيًّا في الوقت نفسه، إذ أجبرت أمريكا الاتحادَ السوفيتي صاحب الاقتصاد الأصغر على مجاراتها، وهو ما أدى في النهاية إلى إفلاس الاتحاد السوفيتي وانهياره، لكن في الوقت الحالي يتفوق الناتج الإجمالي المحلي الصيني على نظيره الأمريكي، كما أن الصين تعلمت الدرس جيدًا، ومن ثم فهي تحِدّ من إنفاقاتها العسكرية وتركز على التنمية الاقتصادية، على العكس من الولايات المتحدة التي تنفق ببذخ على الدفاع وتدخل في صراعات غير ضرورية حول العالم.
يعتقد الأمريكان أنهم أمة لا تقهر، وأن هزيمة الولايات المتحدة ماديًّا أو معنويًّا شيء مستحيل، إلى جانب أنه لا يمكن لأي دولة أن تقترب من مستوى براعتها وإنتاجيتها، وأن مجتمعًا حرًّا ديمقراطيًّا كالمجتمع الأمريكي لا يمكن أن يخسر المنافسة أمام مجتمع شيوعي مغلق محكوم بالديكتاتورية كالصين، هذا إلى جانب اعتقادهم أن الولايات المتحدة الأمريكية تمثل الخير في العالم وما سواها كالصين يمثلون الشر، وأن الخير هو المنتصر دائمًا، وتناسى الأمريكان أن بداية من عام 1م إلى 1820م كانت الهند والصين أكبر الحضارات الاقتصادية، وأن المئتي سنة الماضية التي سيطر فيها الغرب اقتصاديًّا كانت فترة خلل وانحراف!
الفكرة من كتاب هل انتصرت الصين؟ التحدي الصيني للسيادة الأمريكية
يستعرض الكاتب الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على الهيمنة على العالم، ويبين أن الصراع حتى وقت قريب كان اقتصاديًّا وسياسيًّا، لكنه في الآونة الأخيرة أصبح يأخذ منحًى جديدًا تَمَثَّل في سباق تكنولوجي غير مسبوق بين الدولتين، ويكشف الكتاب بشكل موضوعي السياسة الخارجية للبلدين، والسياسة الخارجية لكل بلد تجاه الآخر، كما يبين أننا في خضم حرب باردة ثانية
لكنها ليست أيديولوجية كما كانت بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، بل حرب باردة سلاحها التكنولوجيا العالية التقنية، إلى جانب التنافس على القيم السياسية، فالصين تولي اهتمامًا لمبدأ الكفاءة في الحكم، وهو نموذج أصبح له رواج حول العالم، على عكس الغرب الذي يتبنى الديمقراطية التمثيلية.
مؤلف كتاب هل انتصرت الصين؟ التحدي الصيني للسيادة الأمريكية
كيشور محبوباني: بروفيسور سنغافوري وعميد كلية لي كوان يو للسياسة العامة التابعة لجامعة سنغافورة الوطنية، شغل منصب وزير خارجية سنغافورة، ومنصب ممثل سنغافورة الدائم في الأمم المتحدة ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة. من مؤلفاته:
هل يستطيع الآسيويون التفكير؟ فهم الهوة بين الشرق والغرب.
ما بعد عصر البراءة، إعادة بناء الثقة بين أمريكا والعالم.
نصف العالم الآسيوي الجديد: التحول الحتمي للقوة العالمية نحو الشرق.
معلومات عن المترجمات:
أسماء سيد عبد الخالق، ودينا أسامة السيد، وسمر عبد الله عطوة، ومنى هاني محمد، وهدير حسن أبو زيد، جميعهن من قسم البحوث والدراسات.