الصحافة الشبكية والإرهاب والمجتمع
الصحافة الشبكية والإرهاب والمجتمع
إن على الإعلام منح صوت لمن أضر بهم الإرهاب ومن دُفِعوا إلى استخدامه، ولا بد من المساعدة على إجراء حوار، شريطة ألا يكون أداة دعائية، أو منحازة إلى فئة على حساب الأخرى، فالصحافة ليست معفاة من المطالب الأخلاقية، بل لا بد من سعيها تجاه بلوغ الموضوعية والحيادية وقواعد سلوك مهنية صارمة، وكفئة مؤثرة في المجتمع عليها التصرف بشكل مثالي وبقدر الإمكان تجنُّب الإضرار بالآخرين، مما يزيد أهمية وصعوبة التغطية الصحفية للعمليات الإرهابية، والإرهاب شكل استثنائي من السياسة والعنف، وأحد الموضوعات الملحَّة التي تتناولها وسائل الإعلام؛ فهو مصمَّم خصيصًا لكي يفرض نفسه على الساحة، واستخدام عبارة “الحرب على الإرهاب” إشارة إلى التغلُّب على الإرهاب عَسْكَرِيًّا، على النقيض في واقع ما من انتصار تحقَّق على الإرهاب إلا بفعل العمليات السياسية والاجتماعية في آخر المطاف، ويجدر بالإعلام إعارة المزيد من الانتباه للظروف الراعية للإرهاب، فعملية تقويض داعميه متوقِّفة على فهم المجتمعات التي تكفله، وفي الوقت الراهن علينا تجاوز الأفكار النمطية بفهم الأكثر ذكاءً والأكثر إنسانية، ولا يمكن تعلم كيفية السير نحو مستقبل خالٍ من الإرهاب إلا بعملية إعلامية معقدة؛ فطبيعة البشر أنهم يحسُّون بشيء من التضامن فيما بينهم، وعلى وسائل الإعلام على مستوى العالم، فهم القضايا المحيطة بالإرهاب والمجتمع، إضافة إلى الاطلاع على تعقيدات الحجج الجدلية، وبخاصةٍ في معاملة المسلمين كمجتمع وعنصر في الشؤون الدولية، فالصحافة الشبكية قادرة نسبيًّا على تحسين علاقة الإعلام الغربي بالمسلمين.
غلطة الإعلام التقليدي أنه يضع المسلمين كافةً في سلة واحدة، ولا يتيح الفرصة للمعادين للإرهاب وهم الأغلبية _بالتعبير عن رأيهم أو الدافع عن ما يلصق بهم من اتهامات، بل ويبحث عن أمثلة نموذجية معبرة ليست موجودة، ونتاج ذلك تُطرح أسئلة غير مناسبة على أشخاص غير مناسبين، ويقول “يحيى برت”، وهو مفكر بريطاني مسلم: “مسؤولية الصحفيين الأخلاقية ألا يبحثوا عن صوت مسلم واحد ليمثل المسلمين، وإنما ينقلوا زمرة من الأصوات”.
الفكرة من كتاب الإعلام الخارق
يرى جميعنا أن الوضع الحالي لوسائل الإعلام الإخبارية، أفضل مما كان عليه في الماضي، لكننا نعيش لحظات خطرة، فما من ضامن أن الحالة النافعة نسبيًّا ستستمر، بل على العكس؛ يوجد كم هائل من التهديدات التي تواجه جودة وسائل الإعلام الإخبارية وإمكاناتها، لذا علينا المحافظة على القيم الداعمة للصحافة الحرة كجزء ناجح من المجتمع، ففي خضم التهافت على التطور الرقمي، لا ينبغي السماح للخوف بتشكيل المستقبل.
ولا يسعنا إنكار تأثير الإعلام المتزايد في الأحداث العالمية، فمن المستحيل فصله عن الظروف العامة، ومهم للغاية إعادة تقييم فكرة محو الأمية الإعلامية؛ فما من أمل في الصحافة الشبكية إن كان من يمارسونها غير مؤهلين لها، فهم بحاجة إلى امتلاك فكرة عن حقوقهم وواجباتهم؛ كي يصيروا أكثر اندماجًا في المجتمع من خلال عملية الصحافة.
مؤلف كتاب الإعلام الخارق
تشارلي بيكيت: مؤسس ومدير مؤسسة Police البحثية بكليتي لندن للاقتصاد ولندن للاتصالات، وهي تتمثل في مُنْتَدَى للمناقشات والأبحاث حول الصحافة والمجتمع، ويمارس حَالِيًّا الكتابة وتقديم البرامج حول الصحافة العالمية، وسبق له العمل في عدة برامج إخبارية تابعة لمحطة BBC.
معلومات عن المترجمة:
فايقة جرجس حنا: درست الترجمة التحريرية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وذلك بعدما تخرجت عام 2002 في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، وفي عام 2016 فازت بجائزة المركز القومي للترجمة للشباب في دورته الرابعة، عن كتاب “نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية”.