الصحافة الشبكية
الصحافة الشبكية
إن الصحافة الشبكية هي الطريقة الأمثل لتعريف الشكل الأحدث لوسائل الإعلام في التاريخ، لا سيما أننا نرى ما آلت إليه الصحافة في القرن الحادي والعشرين، ففي وقتنا الراهن لكل منفذ إعلام تقليدي عنوان بريد إلكتروني واحد على الأقل، ومعظمها لديها منتديات لتمكِّن المستخدم من التعليق، وتشجع ما يقدمه المستخدم من محتوى، فالـ”BBC” مثلًا، لديها مركز إعلامي للمحتوى الذي يقدمه الجمهور، وصحف مثل: The Daily Telegraph وHouston Chronicle لديها مساحة إلكترونية خاصة لاستضافة القراء، على خلاف ما مضى، فقد كانت وسائل الإعلام تنتج محتواها في عزلة تامة، ويقتصر الاتصال المباشر على مسابقات الكلمات المتقاطعة أو بريد القراء، ومن الأمثلة الرائعة صحيفة The Fort Myars News Press التي قامت بتمهيد الجماهير، فبعد إعصار كاترينا طلبت من جمهورها التنقيب عن المعلومات التي حصلت عليها بعدما اتخذت إجراءً قَانُونِيًّا ضد الوكالة الفيدرالية، عن البيانات المتعلِّقة بتعويضات الإغاثة للمواطنين، وفي غضون 24 ساعة جرت حوالي 60 ألف عملية بحث، أسفرت عن مئات قصص الغش في تعويضات الإغاثة كي يتتبَّعها الصحفيون بدورهم، وما وصلوا إليه ما هو إلا نتاج تعاون المواطنين مع الصحفيين.
وواحدة من مشكلات الصحافة الشبكية هي المصداقية والثقة، فالصحافة عديمة النفع إن فقدت مصداقيتها، وفي عصرنا الرقمي توفِّر شبكة الإنترنت كَمًّا من البيانات والمعلومات إن لم تكن موثوقة فهي ليست صحافة إخبارية، والصحافة بشكل عام عرضة للريبة والشكوك اللامنتهية، وأساسي في وظيفة الصحافة اتباع الصحفي لنهج متشكك، وبالنظر إلى الإحصائيات سيبدو جليًّا أن نسبة الثقة بالصحافة تأخذ منحدر الانخفاض، فالناس يضعون من يعملون بها بشكل عام في فئة ذوي الطبيعة الملتوية، ويعاملونهم بريبة أكثر مما كانوا عليه في الماضي، وبإمكان الصحفيين الهواة بلوغ مكانة مرموقة من الثقة، فهم عادةً ما يمارسون الصحافة مدفوعين بنواياهم الطيبة والحماس، وعلى نحو أقل من أجل المال، كذلك هم المدوِّنون الذين قطعوا شوطًا لا بأس به في محاولة بلوغ الشفافية والمعايير الأخلاقية، فرأس مالهم الوحيد على الإنترنت هو مصداقيتهم.
الفكرة من كتاب الإعلام الخارق
يرى جميعنا أن الوضع الحالي لوسائل الإعلام الإخبارية، أفضل مما كان عليه في الماضي، لكننا نعيش لحظات خطرة، فما من ضامن أن الحالة النافعة نسبيًّا ستستمر، بل على العكس؛ يوجد كم هائل من التهديدات التي تواجه جودة وسائل الإعلام الإخبارية وإمكاناتها، لذا علينا المحافظة على القيم الداعمة للصحافة الحرة كجزء ناجح من المجتمع، ففي خضم التهافت على التطور الرقمي، لا ينبغي السماح للخوف بتشكيل المستقبل.
ولا يسعنا إنكار تأثير الإعلام المتزايد في الأحداث العالمية، فمن المستحيل فصله عن الظروف العامة، ومهم للغاية إعادة تقييم فكرة محو الأمية الإعلامية؛ فما من أمل في الصحافة الشبكية إن كان من يمارسونها غير مؤهلين لها، فهم بحاجة إلى امتلاك فكرة عن حقوقهم وواجباتهم؛ كي يصيروا أكثر اندماجًا في المجتمع من خلال عملية الصحافة.
مؤلف كتاب الإعلام الخارق
تشارلي بيكيت: مؤسس ومدير مؤسسة Police البحثية بكليتي لندن للاقتصاد ولندن للاتصالات، وهي تتمثل في مُنْتَدَى للمناقشات والأبحاث حول الصحافة والمجتمع، ويمارس حَالِيًّا الكتابة وتقديم البرامج حول الصحافة العالمية، وسبق له العمل في عدة برامج إخبارية تابعة لمحطة BBC.
معلومات عن المترجمة:
فايقة جرجس حنا: درست الترجمة التحريرية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وذلك بعدما تخرجت عام 2002 في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، وفي عام 2016 فازت بجائزة المركز القومي للترجمة للشباب في دورته الرابعة، عن كتاب “نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية”.